للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الوَقْفِ

هُوَ حَبْسُ العَيْنِ عَلَى مِلْكِ الوَاقِفِ، والتَّصَدُّقُ بِالمَنْفَعَةِ كَالعَارِيَّةِ.

وَعِنْدَهُمَا هُوَ حَبْسٌ عَلَى مِلْكِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلا يَزُولُ مِلْكُ المَالِكِ عِنْدَ أَبي حَنِيفَةَ - رحمه الله - إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِهِ حَاكِمٌ، وإلّا فِي مَسجِدٍ بُنِيَ وَأُفْرِزَ بِطَرِيقِهِ، وَأَذِنَ لِلْنَّاسِ بالصَّلاةِ فِيهِ، وَصَلَّى فِيهِ وَاحِدٌ.

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَسْلِيمُهُ إلَى المُتَوَلِّي وَقَبضُهُ

===

كتاب الوَقْفِ

(هُوَ) لغةً: الحبس، ويقال للموقوف تسميةً للمفعول بالمصدر. ويُجْمَع على أوقاف كوقتٍ وأوقات. ولا يقال أوقفه إلاّ في لغةٍ رديئةٍ.

وشرعاً: (حَبْسُ العَيْنِ عَلَى مِلْكِ الوَاقِفِ والتَّصَدُّقُ بِالمَنْفَعَةِ، كَالعَارِيَّةِ) وهذا عند أبي حنيفة (وَعِنْدَهُمَا: هُوَ حَبْسٌ) للعين (عَلَى مِلْكِ اللَّهِ تَعَالَى) وقيل: الفتوى على قولهما.

(فَلَا يَزُولُ مِلْكُ المَالِكِ عِنْدَ أَبي حَنِيفَةَ رحمه اللَّه) قيل: أصل هذا أَنّ الوقف لا يجوز عنده، وهو المذكور في الأصل. وقيل: (يجوز) (١) عنده ولا يلزم بمنزلة العَارِيَّة فَيُوَرَّثُ ويُرْجَعُ عنه ويُبَاع (إِلاَّ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ حَاكِمٌ) ولاّه الإمام، فإنّه حينئذٍ يزول ملك الواقف عنه لقضائه في أمرٍ مجتهدٍ فيه. وصورة الحكم أن يُسَلِّم الواقف وقفه إلى المُتَوَلّي، ثم يريد أن يرجع بعلّة عدم اللّزوم، فيختصمان إلى القاضي فيقضي باللّزوم.

(وإلاّ فِي مَسْجِدٍ بُنِيَ وَأُفْرِزَ بِطَرِيقِهِ) أي مُيِّزَ به عن غيره بتعيّنه (وَأَذِنَ لِلْنَّاسِ بالصَّلَاةِ فِيهِ) أي إذناً عاماً (وَصَلَّى فِيهِ وَاحِدٌ) فإنّه أيضاً يزول مِلْكه عنه، لأنّه جعله خالصاً لله تعالى. وشَرَطَ الإفراز، لأنّه لا يَخْلُص لله إلاّ به، والإذن بالصلاة لأنّ التَّسليم لا بدّ منه عند أبي حنيفة ومحمد، وهو (٢) في المسجد بذلك، لأنّه في كل شيءٍ بحسبه. واكتفى بصلاة الواحد، لأنّ فعل الجميع متعذّرٌ فاشترط الأقلّ، ولأنّ المسجد موضع السجود، ويحصل بفعل الواحد.

(وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تسليمُه) أي الوقف (إلَى المُتَوَلِّي وَقَبْضُهُ) أي قبض المتولّي


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٢) أي التَّسليم.

<<  <  ج: ص:  >  >>