للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شرْطٌ. وَعِنْدَ أَبَي يوسفَ يَزُولُ بِنَفْسِ القَوْل،

===

(شَرْطٌ) في زوال ملك الواقف عنه، لأنّه تَقَرّبَ إلى الله تعالى بماله فيتوقّف جوازه على التَّسليم، كالصّدقة بالعين.

(وَعِنْدَ أَبَي يُوسُفَ يَزُولُ) ملك الواقف (بِنَفْسِ القَوْل) وهو قول الشَّافعيّ وأكثر أهل العلم، لأنّه إسقاطٌ للملك، كالإعتاق. وبقول أبي يوسف ومحمد أنّ ملك الواقف يزول لا إلى مالك، بل يرجع إلى مالك الأملاك وخالق الأفلاك، وبه قال عامة الفقهاء، وهو الأصحّ من مذهب الشّافعيّ وأحمد. وللشَّافعيّ قول، وهو رواية عن أحمد: أنه ينتقل إلى ملك الموقوف عليه إن كان أهلاً للملك لامتناع السائبة (١) . وقال مالك: لا يزول الوقف عن ملك الواقف، لكن لا يباع ولا يورّث ولا يوهب، وهو قول آخر للشّافعيّ.

والأصل في جوازه ما رواه محمد بن الحسن في «الآثار»، وأصحاب (الكتب) (٢) الستة في سننهم، عن نافع، عن ابن عمر قال: أصاب عمر بِخَيْبَرَ أرْضاً فأتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم (يستأمره فيها) (٣) ، فقال: (يا رسول الله) (٤) إنّي أصبت أرضاً بِخَيْبَر لم أُصِبْ مالاً قطُّ أنفس منه، فكيف تأمرني به؟ قال: «إنْ شئت حَبَسْتَ أصلها وتَصدَّقْتَ بها». (قال) ( ٤): فتصدّق بها عمر، أنّه لا يُبَاع أصلها، ولا (يُوْهَبُ) (٥) : في الفقراء، والقُرْبَى، والرِّقاب، وفي سبِيل الله، (وابن السبيل) ( ٤)، والضَّيْف. لا جُنَاح على من وَلِيَها أَنْ يأكل منها بالمعروف، أو يُطْعِم منه صديقاً غير مُتَمَوِّلٍ فيه (٦) . وفي لفظٍ:


(١) السَّائبة: المُهْمَلَةُ التي كانت تسيَّب في الجاهلية لنَذْرٍ ونحوه. المعجم الوسيط ص ٤٦٦، مادة (ساب).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط، والصواب إِثباته لموافقته لما في صحيح مسلم ٣/ ١٢٥٥، كتاب الوصية (٢٥)، بَاب الوقف (٤)، رقم (١٥ - ١٦٣٢). ومعنى يستأمره: يستشيره.
مختار الصحاح ص ١٠. مادة (أمر).
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٦) اللفظ المتفق عليه عند البخاري ومسلم: عن نافع عن ابن عمر قال: أصاب عمر أرضًا بخَيبَر، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأمره فيها. فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضًا بخَيبَر لم أصِبْ مالًا قط هو أنفس عندي منه، فما تأمرُني به؟ قال: "إن شئت حبست أصلها وتصدَّقت بها". قال: فتصدَّق بها عمر، أنه لا يُبَاع أصلها، ولا يبتاع، ولا يورَث، ولا يوهب. قال: فتصدَّق عمر في الفقراء، وفى القُربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله وابن السبيل، والضيف، لا جُنَاح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يُطْعِمَ صديقًا، غير مُتَمَوّلٍ فيه. وقد رواه الشارح هنا بالمعنى جمعًا بين الروايات.

<<  <  ج: ص:  >  >>