للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصْلٌ [في الإِيلاءِ]

الإِيْلاءُ: حَلِفٌ يَمنَعُ وَطْئَ الزَّوْجَةِ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ حُرَّةً، وشَهْرَيْنِ أَمَةً،

===

فصلٌ (في الإيلَاءِ)

(الإِيْلاءُ) في اللغة: اليمين، يقال: آلَى يُؤلي إيلاءً، كأعطى يُعْطي إعطاءً.

وفي الشرع: (حَلِفٌ) بما يوجب الكفارة أو الجزاء (يَمْنَعُ وَطْاءَ الزَّوْجَةِ) مسلمة كانت أو كتابية (أرْبَعَةَ أشْهُرٍ) أو أكثر حال كونها (حُرَّةً)، وإن كانت تحت عبدٍ (وشَهْرَيْنِ) حال كونها (أَمَةً) كوالله لا أقربك أربعة أشهر، أو والله لا أقربك. قيّد بالزوّجة لأنّ الشخص لا يكون مُولِياً من أَمته، لأن قوله تعالى: {لِلّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أرْبَعَةِ أشْهُرٍ} (١) لا يتناول إلاّ الزّوجات. ويصحّ الإيلاء من المطلَّقة الرّجعية لقيام الزَّوجية، ولقوله تعالى: {وبُعُولَتُهُنَّ}، والبعل: الزوج حقيقةً.

وقال مالك والشّافعيّ أَزيد من أربعة أشهر. لنا: أنّ النَّصّ على أربعة أشهر يمنع الزيادة عليها، كالنّصِّ على أربعة أشهرٍ وعشر في عدّة الوفاة، وعلى ثلاثة في عدّة الحياة.

وروى الواحديّ في «أسباب النُّزول» بسنده عن عطاء، عن ابن عبّاس قال: كان إيلاء أهل الجاهليّة السَّنَة والسنتين وأكثر من ذلك، فوقّت الله أربعة أشهرٍ، فمن كان إيلاؤه أقل من أربعة أشهر فليس بمولٍ. ثم قال سعيد بن المُسَيَّب: كان الإيلاء ضِرَارَ أهل الجاهليّة، كان الرّجل لا يريد المرأة، ولا يحب أن يتزوّجها غيره، فيحلف أنْ لا يقربها أبداً، فكان يتركها كذلك، لا أيّماً (٢) ولا ذات بعلٍ، فجعل الله تعالى الأجل الذي يعلم به ما عند الرجل في المرأة أربعة أشهرٍ، وأنزل: {لِلّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (٣) الآية.

وألفاظه صريحٌ نحو: لا أَقْرَبُكِ، لا أجامعك، لا أطؤك، لا أُبَاضِعُك، لا أغتسل منك من جنابة، فلو ادّعى أنه لم يعنِ الجماع لم يُصَدَّقْ قضاءً، وكنايةٌ يحتاج إليها نحو: لا أَمَسُّكِ، لا آتيكِ، لا أغشَاكِ، لا أجمع رأسي ورأسكِ، لا أُضاجعكِ، لا أَقْرَبُ فراشكِ، ويصدّق في عدم النيّة قضاءً.


(١) سورة البقرة، الآية: (٢٢٦).
(٢) الأيمّ: العَزَبُ رجلًا كان أو امرأة، تزوّج من قبل أو لم يتزوّج. المعجم الوسيط، ص ٣٥، مادة (أيم).
(٣) سورة البقرة، الآية: (٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>