للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا ربًا بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ، وَبَيْنَ مُسْلِمٍ وَحَرْبِيٍّ في دَارِهِ.

===

الفتوى، لأنّه موزونٌ فيُعْلَمُ بالوزن لا بالعدد لتفاوت آحاده قدراً فلا يتحقَّق التّساوي. وعند أبي حنيفة لا يجوز مطلقاً وإن وزناً، فهو متفاوتٌ بتفاوت الخبز والخبّاز والتَّنُورِ والتقدّم والتأخر. والاستقراض إنّما يصحّ في المِثْليّ لأنّ من شرطه القدرة على أداء مِثْل المُسْتَقْرَضِ، وقد فات شرطُ صحّته فلا يصحّ. وأجاز محمد بالعدد أيضاً للتعامل، والقياس يُتْرَكُ بالتَّعامل كما في الاستصناع.

وفي مذهب الشَّافعي وجهان في استقراض الخبز: أحدهما كقول أبي حنيفة، وهو الأصحّ. والثاني الجواز وزناً وعدداً، وبه قال أحمد وهو اختيار ابن الصَّبَّاغ لحاجة النّاس إليه.

[(لا ربا بين مسلم وحربي في دار الحرب)]

(وَلَا رباً بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ) لأنّ العبد وما في يده لسيده، هذا إذا لم يكن مأذوناً مديوناً. وكذا لا رباً بين السّيد وأمّ ولده، ولا بين المُدَبَّر وسيده، لأنْ كسب كلّ واحدٍ منهما لسيده بخلاف المُكَاتَب، لأنّه صار كالحرّ يداً وتصرّفاً.

(وَ) لا رباً (بَيْنَ مُسْلِمٍ وَحَرْبِيّ في دَارِهِ) أي دار الحرب.

وقال أبو يوسف ومالك والشّافعيّ وأحمد: يقع بينهما الرِّبا لإطلاق النّصوص الواردة. ولأبي حنيفة ومحمد: إنّ مال أهل الحرب مباحٌ في دارهم، فكان المُرَابي آخذاً بالرِّبا مالاً مباحاً بلا غدرٍ فيصحّ.

والمراد بالنصوص: الرِّبا في مالٍ محظورٍ، ومالِ الحربي في دار الحرب غير محظورٍ بخلاف المُسْتَأْمَنُ منهم، لأنَّ ماله صار محظوراً بِقَدْر الأمان. وما رواه مكحول عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا ربا بين المسلمِ والحربي في دار الحرب». ذكره محمد بن الحسن.

وأسند البُيْهَقِيّ في «المعرفة» في كتاب السِّيَر عن الشّافعيّ قال: قال أبو يوسف: إنّما قال أبو حنيفة هذا، لأنّ بعض المشيخة حدثنا عن مكحول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا ربا بين أهل الحرب». وأظنه قال: «وأهل الإسلام». قال الشّافعي: وهذا حديثٌ ليس له ثباتٌ، ولا حجّة فيه. وقال في «المَبْسُوطِ»: هذا مرسلٌ، ومكحول ثقةٌ، والمرسل من مثله مقبولٌ، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>