للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الشَّهَادَةِ

هِي إِخْبَارٌ بِحَقٍّ للْغَيرِ عَلَى آخَرَ، وَتَجِبُ بِطلبِ المُدَّعي،

===

كتاب الشَّهَادَةِ

(هِي) لُغةً: إِخبارٌ بشيء عن مشاهدة وَعِيَانٍ، لا عن تخمين وحُسبان.

وشرعاً: (إِخْبَارٌ بِحَقَ لِلْغَيْرِ) أَي إِخبار صدقٍ بإِثبات حقَ لغير المخبِر (عَلَى آخَرَ) احترز به عن الإِقرار، فإِنه إِخبار بحقَ لغير المُخبَر على المُخبِر. وسببها في حقّ التحمل: المشاهدة أَوْ السَّماع، وفي حق الأَداء: طلب المُدَّعي.

وركنها استعمال لفظ الشهادة (بلفظ الشهادة) (١) ، لأَن النصوص وردت بهذه اللفظة فتقيد (٢) بها. وتكون عند القاضي، لأَن المقصود منها القضاء بها. وشروطها كثيرة: منها: أَنْ يكون حراً، عاقلاً، بالغاً، مسلماً، عَدْلاً باجتناب الكبائر وعدم الإصرار (٣) على الصغائر، لقوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهدَاءِ} (٤) والمَرْضِيُّ هو العدل، وقوله عزَّ وجل: {وأَشهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (٥) . وحكمها: وجوبُ الحكم على القاضي بما ثبت بها. وفي «المبسوط»: والقياس يأَبى كون الشهادة حجةً مُلزمة، لأَنها خَبرٌ يحتمِلُ الصدق والكذب، والمُحْتِمل لا يكون حجة، إِلا أَنّ هذا القياس تُرك بالنصوص والإِجماع.

(وَتَجِبُ بِطلبِ المُدَّعي) لقوله تعالى: {ولا يأْبَ الشُّهدَاءُ إِذا ما دُعُوا} (٦) . وقوله تعالى: {ولا تَكْتُموا الشهادة ومَنْ يَكْتُمْهَا فإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} (٧) وهاتان الآيتان وإِن كانتا نهتا (٨) عن الإباء والكتمان، إِلا أَنّ النهي عن الشيء أَمرٌ بضِدِّه إِذا كان له ضد واحد. وإِنما خَص القلبَ بالإِثم لأَنه رئيسُ الأَعضاء، والمُضْغَة التي إِذا صَلَحَتْ صَلَح الجسد كله، وإِذا فَسَدَتْ فَسَدَ الجسدُ كله، كما ورد في الصحيح (٩) .


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) عبارة المطبوعة: " .... وردت بهذا اللفظ فتنفذ بها".
(٣) حرفت في المخطوطة إلى: "الإحراز".
(٤) سورة البقرة، الآية: (٢٨٢).
(٥) سورة الطلاق، الآية: (٢).
(٦) سورة البقرة، الآية: (٢٨٢).
(٧) سورة البقرة، الآية: (٢٨٣).
(٨) في المخطوطة: "نهيًا" بدل "نهتا".
(٩) صحيح البخاري (فتح الباري) ١/ ١٢٦، كتاب الإِيمان (٢)، باب فضل من استبرأ لدينه (٣٩)، رقم (٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>