للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصلٌ في المَغْنَم وقِسْمَتِهِ

ما فُتِحَ عَنْوَةً، قَسَمَهُ الإمَامُ بَيْنَ الجَيْشِ، أَوْ أَقَرَّ أَهْلَهُ بِجِزْيَةٍ وَخَرَاج

===

كان مأذوناً له فيه، فالأصحّ أنه يصحّ أمانه اتفاقاً.

وقال محمد أيضاً: يصحّ أمان العبد المحجور عن القتال، وهو قول أبي يوسف فيما ذكر الكَرْخِيّ، وقول مالك والشافعي وأحمد لقوله عليه الصلاة والسلام: «ذمة المسلمين واحدةٌ، يسعى بها أدناهم» (١) . ولما روى عبد الرَّزَّاق وابن أبي شيبة في «مصنفيهما» عن مَعْمَر، عن عاصم بن سليمان، عن فُضَيل (٢) بن يزيد الرَّقاشي قال: شهدت قريةً من قرى فارسٍ يقال لها: شاهرتا، فحاصرناها شهراً حتى إذا كنّا ذات يومٍ وطمعنا أن نصبِّحهم انصرفنا عنهم عند المقيل، فتخلّف عبدٌ منا فاستأمنوه. فكتب إليهم في سهمٍ أماناً ثم رمى بها إليهم، فلما رجعنا إليهم خرجوا في ثيابهم ووضعوا أسلحتهم. فقلنا: ما شأنكم؟ قالوا: آمَنْتُمونا. وأخرجوا إلينا السهم فيه كتاب أمانهم. فقلنا: هذا عبدٌ، والعبد لا يقدر على شيءٍ. قالوا: لا ندري عبدكم من حرّكم، وقد خرجنا بأمانٍ، فكتبنا إلى عمر رضي الله عنه، فكتب (عمر) (٣) : إن العبد المسلم من المسلمين، وأمانه أمانهم.

ولأبي حنيفة وأبي يوسف: أن الأمان جهادٌ معنىً، وهو محجورٌ عليه عن الجهاد، فيكون محجوراً عليه عن الأمان. وحديث الفُضَيل محمولٌ على المأذون له في القتال دون المحجور عليه، والله تعالى أعلم.

فصل ـي المَغْنَمِ وَقِسْمَتِهِ

(ما فُتِحَ) من البلاد والأراضي (عَنْوَةً) أي قهراً (قَسَمَهُ الإمَامُ بَيْنَ الجَيْشِ) كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرض خَيْبَر كما سيأتي (أَوْ أَقَرَّ أَهْلَهُ بِجِزْيَةٍ) على رؤوسهم (وَخَرَاج) على أَراضيهم، كما فعل عمر بسواد العراق في جماعةٍ من الصحابة كما سيجيء.

وقيل: الأوّل هو الأولى عند حاجة الغانمين، والثاني عند عدم حاجتهم ليكون


(١) أَخرجه البخاري في صحيحه (فتح الباري) ١٢/ ٤١ - ٤٢، كتاب الفرائض (٨٥)، باب إِثم من تبرأَ من مواليه (٢١)، رقم (٦٧٥٥).
(٢) وفي المخطوطة: فضل. وما أثبتناه الصواب لموافقته لما في "مصنف عبد الرزاق" ٥/ ٢٢٢.
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع وهو في "المصنف" الموضع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>