للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوَطْئُ والحَدَثُ فَوْقَهُ، لا فَوْقَ بَيْتٍ فِيهِ مَسْجِدٌ، ولا تَزْيِينُهُ،

===

(و) كُرِهَ كراهة التحريم (الوَطْاءُ) أي الجماع (والحَدَثُ) أي ما يخرج من السبيلين عمداً من البول والغائط والمنيّ والمَذْي (١) ، كذا قاله الشارح. والأظهر أنْ يُقَال: ما يجعله متنجساً، ليشمل القيء والدم ونحوهما، وليخرج الريح والنوم وأمثالهما. (فَوْقَهُ) لأن علو المسجد له حكمه. ولهذا صح الاقتداء منه بمن في المسجد، ولم يبطل الاعتكاف بالصعود إليه. وفي معنى السطح، فوق جدار المسجد.

(لا) يكرهان (فَوْقَ بَيْتٍ فِيهِ مَسْجِدٌ) أي موضع أُعِدَّ للصلاةِ، لأنه لا يأخذ حكم المسجد. ولهذا لا يصح الاعتكاف فيه إلاَّ للنساء. والتقييد بالفوق للمشاكلة، وإلاّ فهما لا يُكْرَهَان في البيت الذي فيه مسجد، فكيف فوقه. بل الظاهر أنهما لا يُكْرَهان في مسجد البيت أيضاً، فإنه ليس بمسجد حتى جاز بيعه. فلم يكن له حرمة المسجد كما في «الكافي». وفي «الخُلَاصة»: يُنْدَبُ لكل مسلم أن يتخذ مسجداً في بيته يصلي فيه النوافل والسنن، لكن ليس له حكم المسجد.

[(تطور بناء المسجد الحرام)]

(ولا تَزْيِينُهُ) أي ولا يُكْرَه تزيين المسجد ونَقْشُهِ بالجَصِّ والسَّاج (٢) وماء الذهب. وقيل: يُكْرَه، لقوله عليه الصلاة والسلام: «إن من أشراط الساعة أن تُزَيَّنَ المساجد». قلنا: محمل الكراهة: التكلُّف بدقائق النقوش، خصوصاً في جانب المحراب للافتخار والكبرياء والسمعة والرياء. أو التزيين مع ترك الصلاة، بدليل آخِرِ الحديث: «قلوبهم خاوية من الإيمان». وتمام أحكامه مذكورة في باب المسجد من «قاضيخان».

وقيل: يُسْتَحَبُّ لتزيين عثمان رَضِيَ الله عنه مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم وذلك أنه عليه الصلاة والسلام بنى مسجداً بالْلَّبِنِ، وسَقَفَهُ بالجريد، وجعل عُمُدَه خشب النخل، وجعل له ثلاثة أبواب: باباً في مؤخره، وباباً يقال له: باب الرحمة، وباباً يدخل منه. فَلَمَّا كان أيام عمر رضي الله عنه، زاد فيه وبناه على بنائه الأول، ثم غيَّره عثمان


(١) المَذْي: تقدّم شرحها ص: ٢٠٤، التعليقة رقم: (٢).
(٢) السَّاج: ضرب من الشجر، يعظم جدًّا، ويذهب طولًا وعرضًا، وله ورق كبير. المعجم الوسيط ص: ٤٦٠، مادة (ساج).

<<  <  ج: ص:  >  >>