للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الإِجَارَةِ

هِي بَيْعُ نَفْعٍ مَعْلُومٍ بِعِوَضِ، كَذَا، دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ.

===

كتاب الإجَارة

(هِي): لُغَةً: اسمٌ للأَجْرِ مِنْ أجَرَ يَأْجِرُ ـ بكسر الجيم وضمها (١) ـ وهو العِوض. قال الله تعالى: {لو شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرَاً} (٢) ، وسُمِّي الثوابُ أَجْرًا لأَنه سبحانه عوض العبد به.

وشرعاً: (بَيْعُ نَفْعٍ مَعْلُومٍ) غيرِ حرام كالغناء والنوح، ولا عبادةٍ كالأَذان وقراءة القرآن (بِعِوَضٍ، كَذَا) أَي معلومٍ (دَيْنٍ) كالنقود والمَكِيل والموزون (أَوْ عَيْنٍ) كالثِيَاب والدَّوَابِّ. ويُشْترطُ كونُ العِوض معلوماً، لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ استأَجَرَ أَجِيْرَاً فَلْيُعْلِمْهُ أَجْرَهُ». رواه محمد بن الحسن في «الآثار» عن أَبي حنيفة، عن حَمَّاد، عن إبراهيم، عن أَبي سعيدٍ، وأَبي هريرة، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. وفي روايةِ عبد الرزاق له: «فَلْيُسَمِّ له أَجْرَه». وفي لفظٍ: «فَلْيُبَيِّن». ولأن الجهالة في المعقود عليه وبدَلِه تُفْضي إِلَى المُنازعة، كجهالةِ المُثَمَّن والثَّمَن في البيع.

وهي جائِزةٌ بالإِجْمَاع (٣) . وبقولِهِ تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوْهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (٤) ، وقوله تعالى: {عَلَى أَنْ تَأَجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَج} (٥) . وبما رَوَى الشيخان من حديث ابن عباس: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وأَعْطَى الحَجَّامَ أَجْرَهُ. ومن حديث عائشةَ في الهجرة قالت: استأجَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأَبو بَكْرٍ رَجُلاً من بني الدِّيل هادياً خِرِّيتَاً وهو على دِين كفار قريش، فدفعا إِليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال .. الحديث. والخِرِّيت ـ بكسر المعجمة وتشديد الراء وتحتية ساكنة فمثناة: الماهر بالهداية. ومن حديث أَبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَعْطُوا الأَجَيْرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ». رواه البخاري وابن ماجه.

ومحل عقد الإِجارة عِنْدنا المنافعُ، وهو قول مالك وأَحمد وأَكثر أَصحاب الشافعي. وقال بعضُ أَصْحابه: العين، لأَنها الموجودة، والعقد يضاف إِليها.

ولنا أَنْ المعقودَ عليه هو المُسْتَوْفَى بالعقد، وذلك المنافع لا الأَعيان، وإِضافة


(١) من باب ضرب ونصر.
(٢) سورة الكهف، الآية: (٧٧).
(٣) الأولى أَن يقدِّم الاستدلال بالكتاب والسُّنَّة.
(٤) سورة الطلاق، الآية: (٦).
(٥) سورة القصص، الآية: (٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>