للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ في التَّعْليْقِ

صِحَّةُ شَرْطِ التَّعْلِيقِ المِلْكُ، أوْ الإضَافَةُ إلَيهِ

===

تطلّق ثلاثاً وهذا عند أبي حنيفة، وهو قول الشافعي وأحمد.

وقال أبو يوسف ومحمد: لها أن تطلّق ثلاثاً، لأن «ما» مُحْكَمَةٌ في التعميم، و «من» قد تكون للتبيين فتحمل عليه كطلِّق «من» نسائي مَنْ شِئْتَ، وكل من طعامي ما شِئْتَ. ولأبي حنيفة: أنّ من للتبعيض كقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (١)، وللتبيين كقوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ} (٢) فتيقَّنا التبعيض، وشككنا في التعميم، فلا يثبت بالشك، والله تعالى أعلم.

فصلٌ فِي التَّعْلِيقِ

(صِحَّةُ شَرْطِ التَّعْلِيقِ المِلْكُ) بأن يكون المعلِّق مالكاً لِمَا علّقه في وقت التعليق، كأنْ يقول في التعليق لمنكوحته: إنْ دخلتِ الدَّار فأنتِ طالقٌ. (أوْ الإضَافَةُ إلَيْهِ) أي إلى الملك، بأنْ يعلِّق على نفس الملك نحو: إنْ ملكتُ طلاقك فأنتِ طالقٌ، أو على سببه نحو: إن تزوّجتك فأنتِ طالقٌ. ثم التعليق قد يكون بصريح الشَّرط وهو ظاهر، وقد يكون بمعناه ويشترط حينئذٍ أن تكون المرأة غير معينة نحو: المرأة التي أتزوّجها طالقٌ، بخلاف هذه التي أتزوّجها لأنها لَمّا تَعَرّفَتْ بالإشارة لم يراع فيها صفةُ التزوّج، فَبَقِي قوله: هذه طالقٌ.

وقال الشافعي: لا يصح التعليق المضاف إلى الملك. وقال (مالك) (٣) في المشهور عنه: إذا لم يسمّ امرأةً بعينها، أو قبيلةً نحو قَرَشِيَّةٍ، أو أرضاً نحو مكيّة، أو نحو هذا، بأن قال: كل امرأةٍ، من غير زيادة وصف هنالك، فليس يلزمه ذلك لِمَا في «الموّطأ» أنّ عبد الله بن مسعود كان يقول فيمن قال: كل امرأة أنكحها فهي طالقٌ، إذا لم يسم قبيلةً أو امرأةً بعينها فلا شيء عليه. قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت. انتهى. وهو قول ابن أبي ليلى، لِمَا فيه من باب سد نعمة النِّكاح على نفسه.

وللشافعيّ ما روى أبو داود، والترمذيّ، وابن ماجه، عن عامر الأحْوَل، عن عمرو


(١) سورة التوبة، الآية: (١٠٣).
(٢) سورة الحج، الآية: (٣٠).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>