أمس، أو إن كانت السّماء فوقنا، لأنّ التعليق بما عُلِمَ وجوده تنجيز. فقوله: الشّرط مبتدأ، ومَشِيئَةٌ خبره، ومعلقةٌ عطفٌ على مُنَجَّزَة، ومنجزةٌ صفةٌ لمشيئة (لَا مَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ بَعْدُ) ذلك كما لو قالت: شئت إن كان كذا، الأمر لم يجاء بعد، و (كَما لَوْ قَالَتْ: شِئْتُ إنْ شِئْتَ، فَقَالَ: شِئْتُ) لأنه علّق الطّلاق بالمشيئة المرسلة، وهي أتت بالمشيئة المعلّقة فلم يوجد الشّرط، فخرج الأمر من يدها لاشتغالها بما لا يعنيها.
(وَفِي) أنتِ طالقٌ (كُلَّمَا شِئْتِ تُطَلِّقُ) المرأة نفسها (ثَلَاثاً مُتَفَرقةً) لا مجتمعة، لأن كلمة كلّمَا تفيد عمومَ الأفعال عمومَ انفرادٍ لا عمومَ اجتماع، ولو طلّقت ثلاثاً بكلمةٍ واحدةٍ لا يقع شيءٌ عند أبي حنيفة، ويقع واحدةٌ عند أبي يوسف ومحمد، بناءً على أن إيقاع الثلاث إيقاع للواحدة كما قالا، أو ليس بإيقاع لها كما قال.
(لَا بَعْدَ التَّحْلِيلِ) حتّى لو قال: أنتِ طالقٌ كلَّما شئت، فطلّقت نفسها ثلاثاً متفرقةً ثم عادت إليه بعد زوجٍ آخر، ثم طلّقت نفسها لم يقع شيءٌ، لأنّ التعليق ينصرف إلى الملك القائم، وهذا ملك جديد ليس في كلام الزوج ما يدلُّ على الإضافة إليه، وبهذا قال مالك والشافعيّ في قول.
ولو طلّقت نفسها طلقةً أو طلقتين ثم عادت إليه بعد زوج آخر فلها أنْ تطلِّق بثلاثٍ خلافاً لمحمد، فإنه يقول: إِنها لا تطلِّق إلا ما بقي، بناءً على أنّ الزَّوج يملك بهذا العقد عليها الثّلاث وهو قولهما، أو ما بقي من النّكاح الأوّل وهو قول محمد.
(وَفِي كَيْفَ شِئْتِ تَقَعُ بَائِنَةٌ أو ثَلَاثٌ) وفي نسخةٍ: أو ثلاثاً (إنْ نَوَتْ وَلَمْ تُخَالِفْهَا نِيَّتُهُ) جملة حاليّة، بأن شاءت واحدةً بائنةً ونواها الزّوج (أو لم يكن له نية، أو شاءت ثلاثاً ونواها الزّوج)(١) ، أو لم يكن له نيّة، لوجود المطابقة بين مشيئتها وإرادته إذا نوى. (وَإلاَّ) أي وإن لم يكن لها نيّة، أو كانت وخالفت نيتُه نيتها، بأن نوت واحدةً ونوى ثلاثاً، أو نوت ثلاثاً، ونوى واحدةً (فَرَجْعِيَّةٌ) أي فتطلق رجعيّة (وفي) طلِّقي (مَا شِئْتِ مِنْ ثَلَاثٍ) لها أنْ تطلِّق (مَا دُونَهَا) واحدةً أو ثنتين، وليس لها أنْ
(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط حيث استعاض عنه بقوله: وذكر في "المبسوط": أن مذهبنا قول عمر.