للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسم الله الرحمن الرحيم

[وبه أَستعين، ربِّ تَمِّم بالخير] (١)

الحمدُ لله الذي جعل العلماءَ ورثة الأنبياء، وخلاصةَ الأولياء، الذين يدعو لهم ملائكةُ السماء، والسَّمَكُ في الماء، والطيرُ في الهواء. والصلاةُ والسلامُ الأتمَّان الأعمَّان على زُبدةِ خُلاصة الموجودات، وعُمدة سُلالة المشهودات، في الأصفياءِ الأزكياء، وعلى آله الطيبينَ الأطهارِ الأتقياء، وأصحابه الأبرار نجومِ الاقتداءِ والاهتداء.

أمّا بعد (٢)، فيقول الملتجي إلى حَرَمِ ربّه الباري، عليُّ بن سلطانٍ محمدٍ القاري الحنيفي (٣) الحنفي، عاملهما الله بلطفه الخفي، وكرمه الوفي:

إنَّ من المعلوم عند أرباب الفهوم أنَّ علم الفقه من العلوم أهمُّها، ولنفع الخاصَّة والعامَّة أعمُّها وأتمُّها، فينبغي الاعتناء به، لتحصيل درجة الاعتلاء بسببه، وقد قال الله تعالى: {وما كان المؤمنون لِيَنْفِروا كافَّةً فلولا نَفَرَ من كلّ فِرقةٍ منهم طائفةٌ لِيَتَفَقَّهُوا في الدِّينِ ولِيُنْذِروا قومَهم إذا رَجَعُوا إليهم لعلَّهم يَحْذَرُون} (٤)، وقال عزَّ وجلَّ: {قد فصَّلنا الآياتِ لقومٍ يفقهون} (٥).

وقد ورد في «مسند أحمد» و «صحيحي الشيخين» وغيرهما، عن جَمْعٍ من الصحابة أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من يُردِ اللهُ به خيراً يُفَقِّههُ في الدِّين». وروى الترمذي وابن ماجه عن ابن عباس مرفوعاً: «فقيهٌ واحدٌ أشدُّ على الشيطان مِنْ ألفِ عابد» (٦). وروى ابن ماجه عن ابن عباس مرفوعًا (٧): «إنَّ أُناساً من أمتي سيتفقهون في الدين، ويقرؤن القرآن، ويقولون: نأتي الأمراء، ونُصيب من دُنياهم، ونعتزلهم بديننا، ولا يكون ذلك، كما لا يُجتنَى من القَتَاد (٨) إلا الشَّوكُ، كذلك لا يُجتنَى مِنْ قُرْبِهم إلا الخطايا».


(١) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: وبعد.
(٣) الحنيفي: زيادة من المخطوطة.
(٤) سورة التوبة، الآية: (١٢٢).
(٥) سورة الأنعام، الآية: (٨).
(٦) سنده ضعيف، ولكن يتقوى بتعدد طرقه. انظر كشف الخفاء ٢/ ١٤٤.
(٧) لفظ "مرفوعًا" سقط من المطبوعة والمخطوطة، واستدركه الشيخ عبد الفتاح أَبو غُدَّة رحمه الله تعالى في الجزء الذي حققه من هذا الكتاب.
(٨) القتاد: شجر له شوك. مختار الصحاح ص ٢١٨، مادة (قتد).

<<  <  ج: ص:  >  >>