للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ في الأَوْلِيَاءِ والأَكْفَاءِ

نَفَذَ نِكَاحُ حُرَّة مُكَلَّفَةٍ وَلَو مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ بِلا وَليٍّ،

===

فصل في الأولياء والأكْفَاء

(نَفَذَ نِكَاحُ حُرَّة مُكَلَّفَةٍ) سواءٌ كانت ثَيِّباً أو بكرااً وسواء زَوَّجَتْ نفسَها أو غيرَها (وَلَو مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ بِلا وَلِيَ) أي: ملابِساً (١) بغير وَليّ. وهذا على ظاهر الرِّواية عن أبي حنيفة، ورواية رجوعهما إليه على ما في «مبسوطي» شمس الأئمة وشيخ الإسلام المعروف بخواهر زَادَه.

وكان أبو يوسف أولاً يقول: إن النكاح لا ينعقد إذا كان لها وليٌّ، ثم رَجَع وقال: إنْ كان الزوج كُفُؤاً انعقد، وإلا لم ينعقد، ثم رجع وقال: ينعقد سواءٌ كان الزوج كُفُؤاً أو لم يكن. وعند محمد ينعقد موقوفاً على إجازة الولي. سواءٌ كان الزوج كُفُؤاً أو لم يكن.

وقال مالك: ينعقد إذا كانت خَسِيسةً، وقال الشافعي وأحمد: لا ينعقد النكاح بعبارة النساء، لِمَا رَوَى أبو داود والتِّرمذي وابن مَاجَه، عن ابن جُرَيج، عن سليمان بن موسى، عن الزُّهْريّ، عن عُرْوَة، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيُّمَا امرأةٍ نَكَحَتْ بغير إذْنِ وَلِيِّها، فنِكَاحُها باطلٌ، فنِكَاحُها باطلٌ، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فالمهر بما استَحَلَّ من فرجها ـ أي: لازم ـ فإن اشْتَجَرُوا ـ أي: اختلفوا ـ فالسلطانُ وليُّ من لا وليَّ له». قال الترمذي: حديث حسن، وقال: قد تَكَلَّم فيه بعض أهل الحديث من جهة أن ابن جُرَيج قال: ثم لَقِيتُ الزُّهرِيَّ فسألته عنه فأنكره فضَعَّفُوا الحديث من أجل هذا. وقال ابن عَدِيّ في «الكامل» في ترجمة سليمان: ثم قال: قال، ابن جُرَيج (فَلَقِيتُ الزُّهريَّ فسألتهُ عن هذا الحديث، فلم يَعْرِفه) (٢) ، فقلت له: إن سليمان حَدَّثَنا به عنك فأثنى عليه خيراً وقال: أخشى أن يكون وَهَمَ عَلَيَّ.

وفي السنن أيضاً عن ابن أبي بُرْدَةَ، عن أبيه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا نكاحَ إلا بوَليَ». قال الترمذي: هذا حديث فيه اختلاف، وذَكَر وجوهَ الاختلاف.

وفي «سنن الدَّارَقُطْنِيّ»: عن ابن سِيرِينَ، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم «لا تُزَوِّجُ المرأةُ المرأةَ، ولا المرأةُ نَفْسَها، فإنَّ الزَّانِيَةَ هي التي تُزَوِّجُ نَفْسَها». ورواه الأوزاعيّ عن ابن سيرين، عن أبي هريرة موقوفاً، وهو أشبه. وفي «سننه» أيضاً عن ابن


(١) ملابسًا: شرح للباء في قوله: بلا وَلِيّ.
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>