وفي الشرع: قوةٌ حُكمية يَصيرُ بها المرءُ أهلاً للشهادة والوِلاية، وإثبات هذه القوة يُسمى إعتاقاً، فلا يَتَجَزَّى كالعِتقِ والرِّقِ، لقوله صلى الله عليه وسلم «من أعتَقَ شِقْصاً له في عبدٍ، فَخَلاصُهُ عليه في ماله إن كان له مال، وإن لم يكن له مالٌ قُوِّم عليه فاستسعى العبد به غير مَشْقُوقٍ عليه». رواه الستة في كتبهم. وهذا عند أبي يوسف ومحمد.
وعند أبي حنيفة: هو إزالة المِلْك عن المملوك، فيَتجزاء عنده، وكذا الكتابةُ والتَّدْبيرُ، فإنهما يتجزيان عنده، لأنهما من فُرُوعه. وذلك لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم «من أعتَقَ شِركاً له في عبد، وكان له مالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ العبدِ، قُوِّم العبدُ عليه قِيمَةَ العدل، فأَعْطَى شُركاءَهُ حِصَصَهُم وعَتَقَ عليه العبدُ، وإلا فَقَدْ عَتَق مِنه ما عَتَقَ». رواه الستة من حديث ابن عمر.
وقول البخاري: قال أيوب: لا أدري أشيءٌ قاله نافع أو شيءٌ في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني قوله: «وإلا فَقَد عَتَقَ منه ما عَتَق»، لا يضر إذ الظاهر، بل الواجب أنه منه، إذ لا يجوز إدراجُ مثل هذه عن غير نَصَ قاطع في إفادة أنه ليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن في الحديث عِلةٌ قادحةٌ، كما أجاب عنه بعض المحققين.
وهو مندوب إليه بالكتاب والسنة وإجماع الأمة.
أما الكتاب: فقوله تعالى: {وما أدْرَاكَ ما العَقَبةُ فَكُّ رَقَبةٍ} إلى قوله: {أولئِكَ أصحابُ المَيْمَنَةِ}(١) .
وأما السنة: فما في الكتب الستة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أيما امرء مسلم أعتق رقبةً مؤمنةً، أعتق الله بكلِ عُضوٍ منها عضواً من أعضائه من النار، حتى الفَرْج بالفَرْج». وروى الترمذي ـ وقال: صحيح غريب ـ عن أبي أُمَامَة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيما امرء مسلم أعتَقَ امرأً مسلماً، استنقذ الله بكل عضوٍ منه عضواً من النار»،