الإقالَةُ فَسْخٌ في حَقِّ المُتَعَاقِدَيْنِ، فَتَبْطُلُ بَعْدَ وِلَادَةِ المَبِيعَةِ، وبَيْعٌ في حَقِّ الثَّالِثِ، فَيَجِبُ بِهَا الشُّفْعَةُ.
===
مشايخ سَمَرْقَنْد من جعله بيعاً جائزاً مفيداً بعض أحكامه، منهم الإمام نجم الدين النَّسَفِيّ، فقال: اتّفق مشايخنا في هذا الزَّمان فجعلوه بيعاً جائزاً مفيداً لبعض الأحكام ـ وهو الانتفاع به ـ دون البعض، وهو البيع لحاجة النّاس إليه ولتعاملهم فيه، والقواعد قد تترك بالتعامل. وجوّز الاستصناع لذلك، وقال صاحب «النهاية»: وعليه الفتوى.
ومن المشايخ من جعله باطلاً واعتبره بالهازل. وقال في «الكافي»: والصحيح أنّ العقد الذي جرى بينهما إن كان بلفظ البيع لا يكون رهناً، ثم ينظر إِنْ كانا اشترطا الفسخ في البيع، فسد البيع وإن لم يذكرا ذلك في البيع، وتلفظا بلفظ البيع بشرط الوفاء أو بالبيع الجائز. وعندهما: هذا البيع عبارة عن بيعٍ غير لازمٍ فكذلك. وإن ذكرا البيع من غير شرطٍ ثم ذكرا الشرط على وجه الميعاد جاز البيع، ويلزمه الوفاء بالميعاد، لأنّ المواعيد قد تكون لازمةً.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«العِدَةُ دينٌ»(١) . فيجعل هذا الميعاد لازماً لحاجة النّاس إليه. وقال جلال الدين في «حواشي الهداية»: وصورته أن يقول البائع للمشتري: بعت منك هذه العين بألفِ درهمٍ على أني لو دفعت إليك ثمنك تدفع العين إليّ. ثم قال: ويُسمّى هذا بيع الوفاء، وهذا البيع موجودٌ في المِصْر يُتَعَامَلُ به ويسمّونه بيع الأمانة. والله تعالى أعلم.
فصلٌ الإقَالَةُ
(الإقالَةُ) مندوبة لِمَا في «سنن أبي داود وابن ماجه»، عن أبي هُرَيْرَةَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ أقال مسلماً بيعتَهُ، أقال اللهاُ عثرتَه». زاد ابن ماجه:«يوم القيامة». وفي رواية البَيْهَقِيّ:«من أقال نادماً». وهي تصح بايجابٍ كـ: أقلتك، وقَبُولٍ في المجلس من الآخر، وبتعاطٍ أيضاً. (فَسْخٌ في حَقِّ المُتَعَاقِدَيْنِ) عند أبي حنيفة إلا أن لا يمكن جعلها فسخاً (فَتَبْطُلُ) الإقالة (بَعْدَ وِلَادَةِ المَبِيعَةِ) بعد القبض، لأنّ الزّيادة المنفصلة تمنع الفسخ بخلاف المتَّصلة عند أبي حنيفة رحمه الله (وَبَيْعٌ) جديدٌ (في حَقِّ الثَّالِثِ) إنْ وُجِدَ كالشفيع، (فَيَجِبُ بها) أي بالإقالة (الشُّفْعَةُ) للشفيع