للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقع فَرضًا إن صلَّاها فَاقِدُهَا.

وشُرِط لأدَائِهَا المِصْرُ

===

صبياً، أو مريضاً». قال أبو داود: وطارق رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه. قلت: مراسيل الصحابة مقبولة بلا شبهة، وإنَّما الخلاف في مراسيل غيرهم، مع أن الجمهور على كونها حجّة أيضاً.

(وتقع) الجُمُعَة (فَرضاً إن صلاَّها فَاقِدُهَا) أي فاقد الشروط المذكورة، أو واحدة منها وهي: الإقامة، والصحة، والحرية، والذكورة، وسلامة العين والرجل، لأن اشتراط الشروط للتخفيف ورفع المشقّة، فإن حضر فاقدها وصلّى أجزأه عن فرض الوقت كالمسافر إذا صام، والفقير إذا حج.

(شُرُوطُ أَدَاءِ الجُمُعَةِ)

(وشُرِطَ لأدَائِهَا المِصْرُ) فلا تُؤَدَّى في المفازة (١) والقرية لِمَا روى البيهقي في «المعرفة»، وعبد الرَّزَّاق، وابن أبي شَيْبَة في «مصنَّفَيْهما»: عن علي أنه قال: «لا جمعة، ولا تشريق ـ أي تكبيره ـ ولا صلاة فطر ولا أضحى، إلاَّ في مِصْرٍ جَامِعٍ أو مدينة عظيمة». الظاهر أنَّ «أو» للشك. والحديث صححه ابن حَزْم، ورواه عبد الرَّزَّاق من حديث عبد الرحمن السُّلَمي عن عليّ قال: «لا جُمُعَة، ولا تشريق، إلاَّ في مِصْرٍ جَامِعٍ». ولأنه كان لمدينة النبيّ صلى الله عليه وسلم قُرَى كثيرة، ولم يُنْقل أنه صلى الله عليه وسلم أمر بإقامة الجمعة فيها.

وأمَّا ما ذكره صاحب «الهداية» من قوله صلى الله عليه وسلم «لا جمعة، ولا تشريق، ولا فِطْرَ، ولا أضحى إلا في مِصْرٍ جامع». فَرَفْعُه غير معروف، كذا ذكره مُخَرِّجُهُ (٢) . لكن ذكره شيخ الإسلام خَواهِرْ زَادَه في «مبسوطه» وقال: ذكره أبو يوسف في «الأمَالِي» مُسْنَداً مرفوعاً إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم والله سبحانه أعلم.

وأجاز مالك والشافعيّ الجُمُعَة في القُرَى لظاهر قوله تعالى: {فاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (٣) وقياساً على سائر الصلوات.

ولنا: ما سبق عن عليّ، وكفى به قدوةً وإماماً. ولا يُعَارِضهُ ما رُوِيَ عن ابن


(١) المفازة الصحراء.
(٢) انظر "نصب الراية" ٢/ ٩٩٥، و"فتح القدير" ٢/ ٢٢.
(٣) سورة الجُمُعَة، الآية: (٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>