للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ المُزَارَعَةِ

هِي عَقْدُ الزَّرْعِ بِبعْضِ الخَارِجِ. ولا تَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حنيفةَ رَحِمَهُ اللَّهُ.

===

كتاب المُزَارَعَةِ

(هِي) لغةً: مفاعلةٌ من الزراعة، وهي إِنْبَاتٌ، لقوله تعالى: {أَأَنتُم تَزْرَعُونَهُ} (١) ونسبتُها إِلى غيره سبحانه مجاز من إِسناد الفعل إِلى السبب، وهو الحراثة، وهي: إِثارة الأرض للزراعة، وما يُسْتَنْبَتُ بالبَذْرِ يُسَمَّى زَرْعَاً أَيضاً تسمية بالمصدر، وإِنما عَبَّر عنها بالمفاعلة التي تقتضي الفعل من الجانبين لأَن الإِعانة على الفعل من إِعطاء البَذْر والآلة بمنزلة الفعل، كالمُضَارَبة.

وتُسمى المزارعة مُخَابرةً أَيضاً، من الخُبْرة، وهي النصيب، أَوْ من خَيْبر لأَنها أَوَّل ما دُفِعَت إِليهم.

وشرعاً: (عَقْدُ الزَّرْعِ بِبَعْضِ الخَارِجِ) منه. (ولا تَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حنيفةَ رَحِمَهُ اللَّهُ) فإِن وقعت يجب على صاحب البَذْر أَجْرُ المِثْل للعامل ولرب الأرض، والغلة له لأَنها نماءُ مِلْكه. وإِنَّما لا تصح عنده لما أَخرجه مسلمٌ، عن ثابت بن الضَّحَّاك: أَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عن المزارعة وأَمَرَ بالمؤاجرة، وقال: «لا بأَس بِهَا». وما رواه ابن أَبي شيبة عن ثابت بن الحجَّاج، عن زيد بن ثابت قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المُخَابَرة، قلت: وما المُخَابَرةُ؟ قال: أَنْ تَأَخُذَ الأَرْض بِنِصْفٍ أَوْ ثُلْثٍ أَوْ رُبُعٍ. ولقول ابن عمر: كُنَا نُخَابِرُ ولا نرى بذلك بأَساً، حتى زعم رافعُ بنُ خَدِيْج أَنْ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها، فَتركْنَاهَا من أَجل ذلك.

وعن عطاء عن جابر بن عبد الله: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المُخَابَرةِ، والمحَاقَلةِ، والمُزَابَنَةِ. قال عطاء: فَسَّرَهَا لنا جابر فقال: أَما المخابرة: فالأَرض البيضاء يدفعُهَا الرجلُ إِلى الرجل، فيُنفق فيها فيأْخذُ من الثَّمر. والمحاقلةُ: بَيْعُ الزَّرْعِ القائم بالحبِّ كَيْلاً. والمُزَابَنَةُ: بَيع الْرُّطَبِ في النَّخْلِ بالتَّمْرِ كَيْلاً. رواهما مسلم.

وفي «سُنن أَبي داود» أَنَّ رَافِعَ بنَ خَدِيج قال: كنا نُخَابِرُ على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَذَكَر أَنْ بعضَ عمومته أَتاه فقال: نَهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أَمْرٍ كان لنا نافعاً، وطواعيةُ (٢) اللَّهِ ورسوله أَنفْعُ (لَنا، و) (٣) قال: قلنا وما ذاكَ؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كانت له أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، أَوْ لِيُزْرِعْهَا أَخاه، ولا يُكَارِيها بِثُلُثٍ، ولا رُبْع، ولا بِطَعام


(١) سورة الواقعة، الآية: (٦٤).
(٢) وفي المخطوط: داعية.
(٣) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>