فَصْلٌ في الحَلِفِ في الفعلِ أو التَّركِ مِن الدُّخولَ والخُرُوجِ وغَيْرِهما
مَنْ حَلَفَ لا يدخلُ بيتًا يحنَثُ بدخول صُفَّة،
===
البخاري عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم شَرِبَ عند زينبَ بنت جحشٍ عسلاً، فعلمت به عائشة فتواصت هي وحفصة أيَّةٌ، وفي رواية: أيَّتُنا، دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلْتقل: إني أجدُ منك ريحَ المَغَافِير، أكلت مغافير؟ فدخل على إحداهما فقالت له ذلك، فقال:«لا بل شربت عسلاً عند زينب ولن أعود». وفيه أيضاً عن عائشة أن التي سقته العسلَ حفصة، وأَن التي تواصت هي وإياها سَوْدَة والمغافير: بالغين المعجمة، جمع مُغفُور بضم الميم والفاء: صَمْغُ بعضِ الشجر يُحَلُّ بالماء وله رائحة كريهة. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَكره أن يُوجد منه الروايح، فصدَّق عليه الصلاة والسلام القائلة له ذلك من أزواجه، وحرَّم العسل على نفسه.
وقال الخطَّابي: والأكثر على أن الآية إنما نزلت في تحريم مارية القُبطية حين حرَّمها على نفسه. وذلك أنه روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلا بمارية في يوم عائشة، وعلمت بذلك حفصة، فقال لها: اكتمي عليَّ وقد حرمت مارية على نفسي، فأخبرت به عائشة، وكانتا متصادقتين. وقيل: خلا بها في يوم حفصة فأرضاها بذلك واستكتمها، فلم تكتم، فطلقها واعتزل نساءه إِلى شهرٍ ومكث تسعاً وعشرين ليلة في بيت مارية. انتهى. والأول أولى بالاعتبار، لأنه رواية صاحب القضية، وصاحب البيت أدرى بما فيه، فالتمسك به ظاهر، وكذا بالثاني لأن العبرة بعموم اللفظِ لا بخصوصِ السببِ، ولأن التحريم المضاف إلى الجواري لما ثبت يميناً بهذه الآية، فكذا التحريمُ المضاف إلى سائر المباحات دلالة. فإن قيل: روي أنه قال: «والله لا أذوقه» فلذلك سُمِّي تحريماً ولزمته التَّحِلة.
أُجيب بأنه لم يُذكر في الآية ولا في الحديث الصحيح، فلا يجوز أن يُحكم به، ويُقيَّدُ به حُكْمُ النص.
فصلٌ في الحَلِفِ في الفعلِ أو الترك من الدخول والخروج وغيرهما
(مَنْ حَلَفَ لا يدخلُ بيتاً) وهو ما أُعد للبيتُوتة (يحنَث بدخول صُفَّة) لأنها تُبنى للبيتُوتة فيها في بعض الأوقات، فصارت كالبيت الصيفي. قال شمس الأئمة: إلا