للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله رافعِ أعلام الشريعة الغرَّاء،

===

مئةٍ (١) رحمه الله سبحانه رحمةً تامةً ـ:

[(بسم الله الرحمن الرحيم)]

أي باسمه أشرعُ لا بغيره (الحمد لله) وهو: الثناءُ بالجميل على جهة التبجيل. وجَمَع بينهما اقتداءً بالكتاب المجيد، وعملاً بما ورد من الحديث الحميد، كما رواه الحافظ الرُّهاوي في «أربعينه»: «كلُّ أمرٍ ذي بالٍ لا يُبدَأُ فيه بِبِاسم (٢) الله فهو أقطع»، وفي رواية: «بذكرِ الله». قال ابنُ الصلاح: رجالُهُ رجالُ «الصحيحين»، وفي رواية: «فهو أبتر» رواه ابنُ حِبَّان. وروى أبو داود والنَّسائي في «عمل اليوم والليلة»: «كلُّ كلام ذي بالٍ لا يُبدأ فيه بالحمدُ لله فهو أجذم»، ورواه ابنُ ماجه: «كلُّ أمرٍ ذي بالٍ لا يُبدأ فيه بالحمدُ لله فهو أقطع».

والحمدُ لغةً: هو الثناءُ بالجميل على جهةِ التبجيل، وعُرفاً: صَرْفُ العبدِ جميعَ نِعَمِ رَبِّه إلى ما خُلِقَ لأجلِه، كصَرْفِ النَّظَرِ إلى مَصُوغات مصنوعاتِه (٣)، والسَّمْعِ إلى ما يُنبِاء بمرضِيَّاته، والاجتنابِ عن مَنْهِيَّاتِهِ، والقلبِ إلى تَذكُّر آياته والتفكر في صفاته. وقد بَسَطنا القولَ على مفردات البَسْمَلة والحَمْدَلة وما يتعلَّقُ بهما في بعض مصنَّفاتِنا المطوَّلة (٤).

(رافعِ أَعلامِ الشريعة الغَرَّاء) بدلٌ أو بيانٌ للجلالة، ويجوز رفعُهُ وجرُّه، كما قُرِاء بالوجوه الثلاثة في قوله تعالى: {الحمدُ ربّ العالمين}، ورُويَ بها في حديث «بُنِيَ الإِسلامُ على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله … » الحديثَ (٥).

والمرادُ بالأعلام علماءُ الأنام. والغرَّاءُ: البيضاءُ النَّوْراء. وفي رفعِهم إشارةٌ إلى


(١) قال العلامة اللَّكْنَوي: لعل فيه زلة من قلم الناسخ فلتراجع نسخة أخرى. الفوائد البهية ص ١١٠. والصواب أنه توفي سنة: سبع وأربعين وسبع مئة. انظر المراجع التالية: كتائب أعلام الأخيار رقم (٥١٧)، وتاج التراجم ص ٢٠٣، والطبقات السنية ٤/ ٤٢٩، والجواهر المضية ٢/ ٥٠٦ حاشية (٣)، و ٤/ ٣٦٩، وهدية العارفين ١/ ٦٤٩، والأعلام ٤/ ١٩٧ - ١٩٨، ومعجم المؤلفين ٢/ ٢٩٦.
(٢) فائدة: ذكر شيخنا الفاضل عبد الغني الدَّقر أن ألِف الوصل تحذف من "باسم" إذا كُتبت في البسملة فقط، بشرط أن تُذكَر كُلُّها، وألّا يُذكر معها متعلِّق، فلو كتبتَ: باسم الله فقط، لم تُحذف ألِفُ الوصل، وكذلك: باسم الله الرحمن الرحيم كتابتس. انظر معجم القواعد العربية ص ٥٣٩ بتصرف.
(٣) في المخطوطة: مصنوعات موضوعاته.
(٤) وهو: "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" ١/ ٣ - ٧.
(٥) رواه البخاري (فتح الباري) ١/ ٤٩، كتاب الإيمان (٢)، باب دعاؤكم إيمانكم (٢)، حديث رقم (٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>