للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل بِعَمَلِهِ، إِلَّا الآدَّمِي إِنْ لَم يَتَجَاوَز المُعْتَادَ.

فصل [في أحكام الأجير الخاص]

والأَجِيْرُ الخَاصُّ يَسْتَحِقُّ بِتَسْلِيْمِ نَفْسِهِ مُدَّتَهُ وإِنْ لَمْ يَعْمَل، كالأَجِيْرِ لِرَعْي الغَنَم.

===

هلك بأَمرٍ يمكن التحرز عنه، لأَنَّ علياً رضي الله تعالى عنه كان يُضَمِّنُ الصَّاغة والصُّنَّاع، وقال: لا يصلح للناس إِلا ذلك. رواه البيهقي من طريق الشافعي، وحكاه في «الهداية» عن عمر أَيضاً. واختار المتأَخرون من أَصحابنا الصلح عن النصف بكل حال، وأَفتوا به عملاً بأَقوال الصحابة والفقهاء بِقَدْر الإِمكان، كذا في «جامع الفُصُولَيْن» وغيره.

(بل) يضمن ما تَلِف (بِعَمَلِهِ) كتخريق الثوب من دقِّ القَصَّار، وفساد المحمول من زلق الحامل، أَوْ من انقطاع الحبل الذي يشد به المُكَارِي الحَمْل، أَوْ غرق السفينة وأَمتعتها من مَدِّ الملاح أَوْ معالجته، لأن ذلك من جناية يده، وبه قال مالك، وأَحمد، والشافعيّ في قول. ورُوي عن عمر، وعلي، وعبيد الله بن عُتْبة، وشُرَيْح، والحسن، والحاكم. وقال زُفَر والشَّافعِيّ في قول: لا يضمن. ورُوي عن عطاء وطاوس: لو غَرِقت من ريح، أَوْ موج، أَوْ صدم جبل وتلف ما فيها، لا يضمن عند أَبي حنيفة، ويضمنه عند صاحبيه بناءً على ضمان الأَجِير المشترك وعدمه.

(إِلاَّ الآدَمِي) فإِنَّ الأَجِيْرَ لا يضمن إِذا غرِق في السفينة من مَدّ الملاح لها، أَوْ سقط من الدَّابةِ بِسَوْق المُكَارِي، أَوْ عَطِبَ بحجامة الحجَّام أَوْ فَصْده (١) ، لأن الآدمي لا يضمن بِالعَقْدِ بل بالجناية (إِنْ لَمْ يَتَجَاوَز) الأَجِير في علمه فيه المَوْضِعَ (المُعْتَادَ) قَيَّد به لأَن كلاً من الحَجَّام والفصاد يضمن الآدمي إِذا تجاوز في عملهِ الموضع المعتاد.

فصل (في أَحكام الأجير الخاص)

(والأَجِيْرُ الخَاصُّ يَسْتَحِقُّ) الأُجْرة (بِتَسْلِيْمِ نَفْسِهِ مُدَّتَهُ) أَي مُدَّة العقد (وإِنْ لَمْ يَعْمَل) أَوْ عَمِل ونقص العمل (كالأَجِيْرِ) شَهْراً للخِدْمة، أَوْ (لِرَعْي الغَنَمِ) وقد يسمى أَجِيْرَاً وَحْداً (٢) لأنه لا يمكنه في تلك المدة أَنْ يعمل لغير المستأْجِر، لأن العقد وَرَدَ


(١) الفَصْد: شقُّ الوريد وإِخراج شيء من دمه بقصد التداوي. معجم لغة الفقهاء ص ٣٤٦.
(٢) أي أجيرًا منفردًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>