للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الإكْرَاهِ

هُوَ فِعْلٌ يُوقِعُهُ بِغَيْرِهِ فَيَفُوتُ رِضَاهُ، أوْ يَفْسُدُ به اخْتيَارُهُ، مَعَ بَقَاءِ أَهْلِيَّتِهِ.

وَشُرِطَ قُدْرَةُ الحَامِلِ لَهُ عَلَى إِيقَاعِ مَا هَدَّدَ بِهِ، سُلْطَانًا كَانَ أوْ لِصًّا. وَخَوْفُ الفَاعِلِ إِيقَاعَه، وَكَوْنُ المُكْرَهُ بِهِ مُتْلِفًا نَفْسًا أَوْ عُضْوًا. وَهُوَ

===

وعليه كلام العرب. ولو كان المعنى على ما قال أبو حنيفة لكان لا تعقل العاقلة عن عبدٍ، ولم يكن ولا تعقل عبداً. انتهى. وقد أجبنا عنه فيما سبق بما هو أحقّ. وقال الشارح هنا على سبيل التنزل: إن كون القول عند الأصمعي ما قال ابن أبي ليلى نظراً إلى مجرد لفظ هذا الحديث، لا ينافي أن يكون القول ما قال أبو حنيفة نظراً إلى ما رواه محمد عن ابن عباس جمعاً بين الأحاديث، والله تعالى أعلم بالصواب.

كتاب الإِكْرَاهِ

(هُوَ) لغةً: مصدر أَكْرَهَهُ إذا حمَله على أمرٍ يكرهه (طبعاً) (١) .

وشرعاً: (فِعْلٌ) من تهديدٍ وتخويفٍ بضربٍ ونحوه (يُوقِعُهُ) المرء (بِغَيْرِهِ) على إيجاد ما يكرهه طبعاً أو شرعاً (فَيَفُوتُ) به (رِضَاهُ أوْ يَفْسُدُ (به) (٢) اخْتِيَارُهُ مَعَ بَقَاءِ أَهْلِيَّتِهِ) للتكليف وعدم سقوط الخطاب عنه، لأن المكره مُبْتَلَى، والابتلاء يحقّق الخطاب، ألا ترى أنه متردّد بين فرضٍ وحظرٍ ورخصةٍ، وبين إثمٍ وأجرٍ، وذلك آية الخطاب.

(وَشُرِطَ) في تحقّق الإكراه أمورٌ منها (قُدْرَةُ الحَامِلِ لَهُ عَلَى إِيقَاعِ مَا هَدَّدَ بِهِ، سُلْطَاناً كَانَ أوْ لِصّاً) وقال أبو حنيفة: إن الإكراه لا يكون إلاّ من السلطان. قالوا: هو اختلاف عصرٍ وزمانٍ، لا اختلاف حُجَّةٍ وبرهان، لأن زمان أبي حنيفة لم يكن فيه لغير السلطان من القدرة ما يتحقَّق به الإكراه، وزمانهما كان فيه ذلك.

(وَ) منها (خَوْفُ الفَاعِلِ) وهو المكرَه بفتح الراء (إِيقَاعَه) أي أيقاع الحامل ما أَكْرَه به، بأن يغلب على ظنه أن يُوقِعَه به عليه في الحال. (وَ) منها (كَوْنُ المُكْرَهُ بِهِ مُتْلِفاً نَفْساً) سواء كان قتلاً أو ضرباً (أَوْ) مُتْلِفاً (عُضْواً) قطعاً كان أو غيره (وَهُوَ) أي


(١) ما بين الحاصرتين سقط من المخطوط.
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>