للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

وَمَنْ أَوْصَى إلى زيدٍ فَقَبِلَ عِنْدَهُ، فإنْ رَدَّ، عِنْدَهُ رُدَّ وإلَّا لَا. فَإِنْ سَكَتَ فَمَاتَ مُوصِيهِ، فَلَهُ رَدُّهُ الإيصاءَ، وَضِدُّهُ.

===

إلى ما بعد الموت. وجعلاه وقفاً في يد الإمام، لِمَا مرّ في كتاب الوقف من حبس خالدٍ كُرَاعه وأَعْتُده (١) في سبيل الله.

ولو أوصى بثلث ماله في سبيل الله يخصّه أبو يوسف بمنقطع الغزاة، لسبقه إِلى الفهم عُرْفاً، وزاد محمد: منقطع الحاج لِمَا رُوِّينَا: أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الحجّ من سبيل الله. وأَجاز محمد الوصية للمسجد وإن لم يذكر الإنفاق عليه، لأن المراد منها الإنفاق على مصالحه. وشرطا لصحتها ذِكْر الإنفاق عليه، لأنه ليس بأهل للملك، والوصية تمليك، وذكر النفقة بمنزلة الوقف على مصالحه تصحيحاً للكلام.

ولو أوصى للعلماء استحقَّها الفقهاء وأهل التفسير والحديث، وقيل: وأهل الكلام، لا المُقْرِئون والأدباء والمعبّرون والأطباء، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العلم ثلاثة: آية (٢) محكمةٌ، أو سنةٌ قائمةٌ، أو فريضةٌ عادلةٌ، وما سوى ذلك فهو فضل». رواه أبو داود وابن ماجه. ولو أوصى للعقلاء استحقّها زهَّاد العلماء، لأنهم في الحقيقة العقلاء، لتركهم الفاني وميلهم إلى الباقي، والله تعالى أعلم.

فصلٌ

(وَمَنْ أَوْصَى إلى زيدٌ فَقَبلَ) زيدٌ (عِنْدَهُ) أي في حضوره (فإنْ رَدَّ) زيدٌ الإيصاء (عِنْدَهُ) في حضور الموصِي بعد قبوله (رُدَّ) أي صحّ ردّه، لأنه ليس للموصِي ولاية إلزامه التصرُّف، ولا غُرور (٣) في ردّه بحضوره، لأن الموصِي متمكّن من أن يُنِيبَ غيره. (وإلاَّ) أي وإن لم يردَّ زيدٌ الإيصاء في حضرة الموصِي بل ردّ في غيبته (لَا) أي لا يصحّ الردّ، لأن الميت مضى بسبيله معتمداً عليه، فلو صحّ ردّ المُوصَى إليه في غيبته في حياته أو بعد مماته كان مَغْروراً من جهته، فرُدَّ ردّه.

(فَإِنْ سَكَتَ) المُوصَى إليه فلم يقبل ولم يردّ (فَمَاتَ مُوصِيهِ فَلَهُ) أي للمُوصَى إليه (رَدُّهُ) أي ردّ (الإيصاء) (وَضِدُّهُ) أي ضدّ ردّ الإيصاء وهو قبول


(١) في المخطوط: أَعدّه، والمثبت من المطبوع. والأعْتُدُ: هو ما أَعدّه الرجل من السلاح والدَّواب وآلة
الحرب. النهاية ٣/ ١٧٦.
(٢) في المخطوط: أمرٌ، والمثبت من المطبوع، وهو الصواب لموافقته لما في سنن أَبي داود ٣/ ٣٠٦ - ٣٠٧، كتاب الفرائض (١٣)، باب [ما جاء في تعليم الفرائض] (١)، رقم (٢٨٨٥).
(٣) غر فلانًا: خدعه. المعجم الوسيط ص ٦٤٨، مادة (غرّ).

<<  <  ج: ص:  >  >>