للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَوضَّأ به ويَتَيمَّمُ إِنْ عَدِمَ غيرَه، والعَرَقُ كالسُّؤر.

باب [التَّيَمُّمِ]

التيمُّمُ

===

«الهداية»: أنه طاهر، وفي ظاهر الرواية (١) أنه نَجِسٌ (٢) . وحُكمُ المشكوكِ قولُهُ:

(يَتَوضَّأ به ويَتَيمَّمُ) أي يَجمَعُ بينَ الوضوءِ بسُؤْرِ الحمارِ أو البغلِ وبينَ التيمُّمِ (إِنْ عَدِمَ غيرَه) أي فُقِدَ ولم يُوجَد حينئذٍ غيرُ سُؤْرِ الحمار أو البغل، وأيَّهما قَدَّم جاز. وقال زُفَر: يَجِبُ تقديمُ الوضوءِ لتحقُّقِ شَرْطِ صِحَّةِ التيمُّمِ وهو فَقْدُ ماءٍ واجبٍ استعمالُه. قلنا: الاحتياطُ في الجَمْعِ بينهما لا في الترتيبِ، فإن كان مُطَهِّراً فقد توضَّأ به، قَدَّم أو أخَّر، وإلاَّ ففَرْضُه التيمُّمُ وقد أَتى به، لكن الأفضل تقديمُ الوضوء ولذا قَدَّمه.

(والعَرَقُ كالسُّؤر) أي في جميعِ ما تقدَّمَ، لأنَّ اللُّعابَ والعَرَقَ كِلَاهما مُتوِّلدٌ من اللحم، لكنْ في ظاهر الرواية: طهارةُ عَرَقِ الحِمارِ ونجاسَةُ لَبَنِه. أمَّا العَرَقُ فلأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يَركَبُ الحِمارَ مُعْرَوْرِياً (٣) في حَرِّ الحِجَاز، فلا بُدَّ مِنْ أن تَعَرَقَ الحُمُر، ولأنَّ ضَرُورةَ البَلْوَى ظاهِرةٌ لمن يَركَب. وأمَّا اللَّبَنُ فعن شمس الأئمة: الصَّحيحُ أنه نجس نجاسة غليظة، لأنه حرامٌ بالإِجماع، ولا ضَرُورَةَ فيه، وعن البَزْدَوِي: أنه يُعْتَبَرُ فيه الكثيرُ الفاحِشُ وصحَّحه، فيكون على هذا نجاسَتُهُ مخَفَّفَةً. وعن محمد: أنه طاهِرٌ ولا يُؤكل.

(باب التَّيَمُّم)

(باب) بالتنوين، أو بالوقف، أو بالإِضافةِ إلى قوله: (التيمُّم) والبابُ في اللغة: النوع، وفي العرف: نوعٌ من المسائل اشتَمَل عليها كتابٌ، وإنه بمنزلة الجنس. وفي نسخةٍ: فصلٌ بدَلَ باب.

ثم التيمُّمُ في اللغة: القَصْدُ، ومنه قوله تعالى: {ولا تَيمَّمُوا الخبيثَ منه


(١) المقصود من ظاهر الرواية هنا: الكتب الستة للإِمام محمد بن الحسن الشيباني، وهي: "المبسوط" ويسمى "الأصل"، و "الجامع الصغير"، و"الجامع الكبير" و "السِّيَر الصغير"، و"السِّيَر الكبير"، و "الزيادات". وإنما سميت هذه الكتب الستة باسم "ظاهر الرواية" لأنها رويت عن الإمام محمد بروايات الثقات، فهي ثابتة عنه إما متواترة وإما مشهورة. انتهى باختصار من فتح باب العناية ١/ ١٥٢ الجزء الذي حققه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى.
(٢) وهو الصحيح. انظر "فتح القدير" ١/ ١٠٠.
(٣) أي لا سَرْج عليه. انظر القاموس المحيط ص ١٦٩٠، مادة (عري).

<<  <  ج: ص:  >  >>