للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الكفَالَة

هي: ضَمُّ ذِمَّة إِلى ذِمَّةِ في المُطَالَبَةِ، لا في الدَّيْنِ، وهُوَ الأَصَحُّ.

===

كتاب الكَفَالَة

(هِي) لُغةً: مطلق الضَّمِّ، قال الله تعالى: {وكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} (١) أَي ضمها إِلى نفسه لِيُرَبِّيَهَا، وقال عليه الصلاة والسلام: «أَنا وكَافِلُ اليتيمِ كَهَاتَيْن». وفي روايةٍ: «أَنا وكَافِلُ اليتيم في الجَنَّةِ هكذا»، وأَشار بأُصْبَعَيْهِ.

رواه مسلم، والنَّسائي، والترمذي عن سَهُل بن سعد السَّاعدي.

وشَرعَاً: (ضَمُّ ذِمَّة) الكفيل (إِلى ذِمَّةِ) المكفول (في المُطَالَبَةِ، لا) كما قال بعض المشايخ ـ وهو مذهب الشافعي ـ: إِنَّها ضَمُّ ذِمَّةٍ إِلى ذمة (في الدَّيْنِ) بأَن يثبت الدين في ذِمَّةِ الكفيل ولا يسقط عن ذِمَّةِ المَكْفُول، لأَن التزام المُطالبة يَبتني على التزام أَصْل الدَّيْن، فيثبت الدَّيْن في ذِمَّةِ الكَفِيْل مع بقائه في ذِمَّةِ المكفول، ولا يُستوفَى إِلاَّ مِنْ أَحدهما، كالغاصب، وغاصب الغاصب، فإِنَّ كُلَّ واحدٍ منهما ضامن القيمة، وحق المالك في قيمةٍ واحدةٍ، واختياره تضمينَ أَحدهما يوجِبُ براءة الآخَر. وقال مالك: الأَصيل يبرأُ عن الدَّيْن بالكَفَالَة كما في الحَوَالَةِ.

(وهُوَ) أَي كون الكَفَالة ليست ضَمَّ ذِمَّةٍ إِلى ذِمَّة في الدَّيْن (الأَصَحُّ) لأَن جَعْلَ الدَّيْن الواحِدِ في حُكْم دَيْنَيْنِ قلب للحقيقة، فلا يُصار إِليه إِلاَّ عند الضرورة، ولا ضرورة هنا، لأَن التوثيق يحصل بتعدد المُطَالِب.

ثُم رُكْنُ الكَفَالة: الإِيجاب والقَبول عند أَبي حنيفة ومحمد. وقال أَبو يوسف ـ آخِراً ـ ومالك وأَحمد، وهو قولُ الشافعي: يَتِمُّ بالكفيل، وُجِدَ القَبولُ أَمْ لا. واختلف على قول أَبي يوسف، فقيل: تصح من الكفيل موقوفةً على إِجازة الطالِب، وقيل: نافذة، وللمطالِب حَقّ الرد.

وحُكْمُهَا ثبوت المطالبة على الكفيل مع الأَصيل عند عامة الفقهاء. وعن مالك


(١) سورة آل عمران، الآية: (٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>