للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ في أَحْكَامِ العَاشِرِ]

ويُنْصَبُ العَاشِرُ عَلَى الطَّرِيقِ فَيَأْخُذُ مِنَ المُسْلِم رُبُعَ العُشْرِ، ومِنَ الذِّمي ضِعْفَهُ

===

تَرِكَةٍ بلا وَصِيةٍ. وجَوَّزَ مالك والشافعي رحمهما الله للمُصَدِّقِ أَخْذَها جبراً، إِذْ (حَقُّ) (١) الأَخْذِ للإِمام، قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِم صَدَقَةً} (٢) ، وصار كصاحب الدَّيْنِ إِذا ظَفِرَ من مال غَرِيمِهِ بجنس حقه. وعندنا يؤمر بها ليؤدّيها اختياراً، لأَنها عبادةٌ، وشَرْطُ أَدائها الاختيار الدال عليه صريح الإِيتاء في قوله تعالى: {وآتوا الزكاة}، وفي النص السابق أَيضاً دِلالةٌ عليه بتسمية المَأْخُوذ صدقة، أَي زكاة، ونية القُرْبة نية لها (٣) ، فإِذا أَوْصَى دَلَّ على الاختيار، ومحل الوصية الثُّلُث، فيؤخذ من الثلث لا من أَصْلِ التَّرِكة.

(فصل في أحكام العاشرِ)

(ويُنْصَبُ العَاشِرُ) مِنْ عَشَّرَ القومَ إِذا أَخَذَ عُشْرَ أَموالهم، فهو تسميةُ الشيء باعتبار بَعْض أَحواله، وهو أَخْذُه العُشْرَ من الحربي دون المسلم والذِّمي (عَلَى الطَّرِيقِ) أَي طريق المسافرين.

(فَيَأْخُذُ) مَنْ نَصَبَهُ الإِمامُ لأَخْذِ الصدقاتِ، ولأَمْنِ الناس به من اللصوص (مِنَ المُسْلِم رُبُعَ العُشْرِ) لأَنه زكاة بعينها (ومِنَ الذِّمي ضِعْفَهُ) إِظهاراً للذُّلِّ عليه، وسيأتي أَنه من الحربي العُشْر لزيادةِ تغليظٍ عليه.

والأَصْل فيه ما في «مُعْجَم الطبراني» عن ابن سيرِين عن أَنس بن مالك قال: «فَرَضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في أَموالِ المسلمين في كُلِّ أَربعينَ دِرهَماً دِرهمٌ، (وفي أَموال أَهل الذِّمَّةِ: في عشرين دِرْهماً دِرْهمٌ) (٤) ، وفي أَموال مَنْ لا ذِمَّة له: في كل عَشَرَةِ دَرَاهِمَ دِرهمٌ». وقال: لم يُسْنِد هذا الحديث إِلاَّ محمدٌ بن العلاء، تفرد به. وقد رواه أَيّوب، وسَلَمَةُ بن عَلْقَمَةَ، ويَزِيدُ بن إِبراهيم، وجرير بن حازم، وحبيب بن الشهيد، والهيثم الصَّيْرفي، وجماعة عن أَنس بن سيرين عن أَنس بن مالك: أَنَّ عُمَرَ بن الخطاب رَضِيَ الله عنه فَرَضَ، وذكر الحديث.


(١) سقط من المطبوع.
(٢) سورة التوبة، الآية: (١٠٣).
(٣) في المخطوط: "شرطها" بدل: "نية لها".
(٤) سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>