للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكَفَاءَةُ في النِّكَاحِ]

وَتُعْتَبَرُ الكَفَاءَةُ في النِّكَاحِ نَسَبَاً،

===

عندنا على أنّ أيَّهما عَقَدَ جاز، فإن زوجها كلٌّ منهما، فالصحة للسابق، فإن لم يُعْلَم، أو وَقَعَا معاً، بَطَلَ لعدم الأولَوِيَّة بالتصحيح، وليس الوصيُّ بوَلِيّ في التزويج عندنا، وقال ابن أبي لَيلى: له ولايةُ التزويج لقيامه مَقَام الأب، ألا ترى أنه قام مَقامه في التصرُّف في المال فكذا في التصرف في النفس. ولكنّا نستدل بما روينا من أن: «الإنكاح إلى العَصَبَات» (١) .

(الكَفَاءَةُ في النِّكَاحِ)

(وَتُعتَبَرُ) للمرأة على الرجل (الكَفَاءَةُ) أي المساواة (في النِّكَاحِ) أي في ابتدائه، حتى لو زالت الكفاءة بعد العقد لا يُفسخ النكاح لأجلها، كالمبيع إذا تَعَيَّب عند المشتري (٢) .

وإنما تُعتبر الكفاءة لِمَا روى أحمد، والنَّسَائي عن عائشة أنها قالت: جاءت فتاةٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن أبي زَوَّجَني ابن أخيه ليرفع بي من خَسِيسته فجعل الأمرَ إليها، فقالت: إني قد أجزتُ ما صنع أبي، ولكن أردتُ أن تَعلمَ النِّساءُ أنْ ليس للآباء من الأمر شيءٌ. وروى الترمذي في «جامعه» وكذا الحاكم ـ وصححه ـ عن عليّ بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «يا عليُّ، ثلاثٌ لا تُؤَخِّرْهَا: الصلاة إذا أَتَتْ ـ أي حضرت، وفي رواية: آنَتْ، أي حانت ـ والجَنَازة إذا حَضَرَتْ، والأَيِّم إذا وَجَدَتْ لها كُفُؤاً». بصيغة الغَيبة أو الخطاب، والله تعالى أعلم بالصواب.

(نَسَبَاً) أي من جهة النَّسَب، لأن التفاخر يقع بذلك السبب، وروى محمد في كتاب «الآثار» عن أبي حنيفة، عن رجل، عن عمر بن الخطاب أنه قال: لأَمْنَعَنَّ فُرُوجَ ذواتِ الأحساب، إلاّ مِنْ الأكفاء. والأحْسَابُ: جمع حَسَبٍ: بفتحتين، وهو: ما يَعُدُّه الإنسان من مفاخِر آبائه. ولقوله صلى الله عليه وسلم «لا تَنْكِحُوا النِّسَاءَ إلا الأكفاء، ولا يُزَوِّجُهُنَّ إلا الأولياء، ولا مَهْرَ دون عشرة دراهم». رواه ابن أبي حاتم عن جابر، وحَسَّنه البَغَوِيّ.

وقوله صلى الله عليه وسلم «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُم وانْكِحُوا الأَكْفَاءَ»، رُوي من حديث عائشة وعمر


(١) تقدّم تخريجه ص ٣٧.
(٢) أي إذا تعيب المبيع عند المشتري بعد انعقاد البيع، لا يُرَدّ المبيعُ إلى البائع.

<<  <  ج: ص:  >  >>