للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ قَاضٍ في مَنْشُورِهِ ذلِكَ.

وَالأَبْعَدُ يُزَوِّجُ بِغَيْبَةِ الأَقْرَبِ، مَا لَمْ يَنْتَظِرِ الكُفْءُ الخَاطِبُ خَبَرَهُ. وَعِنْدَ البَعْضِ أَدْنَى مُدَّةِ السَّفَرِ.

===

إن جَنَى، فَأَرْشُهُ (١) عليه، وإن مات، فميراثُه له، لأنه مؤخَّرٌ في الإرث عن ذوي الأرحام، فكذا في ولاية النكاح.

(ثُمَّ قَاضٍ في مَنْشُورِهِ) أي في المكتوب الذي له من السلطان بالولاية (ذلِكَ) أي تزويج الصغار، لما رويناه من قوله صلى الله عليه وسلم «السلطانُ وَلِيُّ مَنْ لا وَليَّ له» (٢) .

(وَالأَبْعَدُ يُزَوِّجُ بِغَيْبَةِ الأَقْرَبِ) وهو مقدَّمٌ على القاضي عندنا، خلافاً لمالك والشافعي، وهو رواية عن بعض أصحابنا، ولا يبطل عقده بمجيء الأقرب، بل تَبْطُل ولايته، لأن الأقرب لعدم الانتفاع به ـ لأجل غَيْبته ـ كالمعدوم، فيتعيَّن مَنْ يَخْلُفُه، وإذا حصل المقصود بِمَنْ يَخْلُفُه لا يبطل بعد حصوله، كَفَاقِدِ الماء إذا تَيَمَّم وصلَّى ثم وجد الماء، لا تبطل صلاته.

والغَيْبَةُ التي يُزَوِّج الأبعدُ فيها هي: (مَا) أي مُدَّةً (لَمْ يَنْتَظِرِ الكُفْءُ الخَاطِبُ خَبَرَهُ) أي خبر الأقرب، وهذا مختار شمس الأئمة السَّرَخْسِي، ومحمد بن الفَضْل، والإِسْبِيجَابي، وصاحب «الهداية»، لأن الولاية نظريةٌ، ولا نَظَر في ولاية الأقرب على وجهٍ يَفُوتُ بفواته الكُفْءُ.

(وَعِنْدَ البَعْضِ) من المتأخرين كالقاضي أبي علي النَّسَفِيّ، وصَدْر الإسلام البَزّدَويّ، وهو قول محمد بن مُقَاتِل، وسُفْيان الثَّوْرِي، وعليه فتوى الصدر الشهيد والوَلْوَالجيّ. وقال في «الكافي»: وعليه الفتوى. ((أَدْنَى) (٣) مُدَّةِ السَّفَرِ) وهي ثلاثة أيام ولياليها، واختار القُدُورِيُّ، ومحمدُ بن سَلَمة الغَيْبَةَ المنقطعة، بأن يكون في بلد لا تَصل إليه القافلة في السنة إلا مرةً. وفي «الواقِعات»: أن أكثر المشايخ اختاروا قَدْرَ الشهر، ـ وهو مَرويٌّ عن أبي يوسف ومحمد ـ لا يُجْهَل مكانُه، كما روي عن زُفَر وبعضِ مشايخنا.

ثم من العلماء مَنْ قال: لا يجوز عقد الولِيَّيينِ المُتَساوِيين إلا مجتمعين، والعمل


(١) الأَرْش: بوزن الفَلْس: ما وَجَبَ من المال في الجناية على ما دون النفس. معجم لغة الفقهاء ص ٥٤.
(٢) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١١/ ١٤٢.
(٣) ما بين الحاصرتين زيادة من المتن من هامش المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>