(والإِمامُ) أي حينئذٍ (يَسْتَخْلِفُ) لِمَا رَوَى الشيخان عن سَهْل بن سعد: «أن أبا بكر رَضِيَ الله عنه صلّى بالناس لغيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في إصلاحه بين الطائفتين من الأنصار، ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم في أثناء الصلاة، فَتَقدَّمَ وتَأَخَّرَ أبو بكر، وائْتَمُّوا برسول الله صلى الله عليه وسلم في بقية الصلاة». كذا ذكره الشارح، وفيه نظر. ولعله أراد أنه دليل للاستخلاف في الجملة، وإنْ كان هذا مختصّاً به صلى الله عليه وسلم لِمَا تقدم. وروى البَيْهَقِي وغيره:«أنّ عمر بن الخطاب رَضِيَ الله عنه لَمَّا طَعَنَه أبو لؤلؤة وهو في الصلاة استخلف عبد الرحمن ابن عوف رَضِيَ الله عنه»، «واستخلف عليٌّ رَضِيَ الله عنه حين رَعَفَ». وأجمع الصحابة على صحة الاستخلاف.
[(كيفية الاستخلاف إذا نابه شيء في الصلاة)]
وكيفية استخلافه ما بَيَّنه بقوله:(يَجُرُّ آخَرَ إلى مَكَانِهِ)، ويتأخر مُحْدَوْدِباً واضعاً يده في أنفه يُوهِم أنه قد رَعَفَ، لِيَنْقَطِع عنه الظنون، ويرتفع عنه ما يوجب الحياء المانع من البناء. ولا يَسْتَخْلِفُ بالكلام، فلو تكلم بطلت صلاتهم. وفي «مِعْرَاج الدِّرَاية»: اتفقت الروايات على أنّ الخليفة لا يصير إماماً ما لم يَنْوِ الإمامة.
(ثُمَّ يَتَوَضَّأُ ويُتِمُّ الصَّلَاة ثَمَّة (١) ) حيث توضأ إن أمكن تقليلاً للمشي (أو يَعُودُ) إلى مكان صلاته لتصير الصلاة مؤداة في مكان واحد. (كالمُنْفَرِدِ) كما أنّ المنفرد الذي سبقه الحدث يُتِمُّ الصلاة في مكان وُضُوئه أو يَعُودُ إلى مكان الصلاة، والعود أحمد، وبه قال الكَرْخِيّ، وقيل: الأداء حيث الوضوء أفضل. وفي «نوادر ابن سَمَاعَة»: أنَّ العود يُفْسِدُ، لأنه مَشْيٌ بلا حاجة، وإنما يتخير الإمام الذي سبقه الحدث بين أن يُتِمَّ حيث توضأ أو يعود. (إنْ فَرَغَ إمَامُهُ) وهو الخليفة (وإلاَّ) أي وإنْ لم يَفْرُغ إمامه (عَادَ) وأتَمَّ خلف خليفته. (وكَذَا المُقْتَدِي) إن فَرَغَ إمامه، يُتِمُّ حيث توضأ، أو يعود، وإنْ لم يَفْرُغ إمامه، فعليه أنْ يعود.
ولو صلّى كلٌ من الإمام الأول والمقتدي في موضعه، فَسَدَت. لأن الاقتداء واجب عليه، وقد بنى في موضع لا يصح اقتداؤه فيه. ولا يجوز انفراد المقتدي، لأن
(١) ثَمَّةَ: اسم يُشار به إِلى المكان البعيد بمعنى هناك. المعجم الوسيط ص: ١٠١، مادة (ثَمَّ).