للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونَحْوِهَا. ولا الجَمْعُ بَيْنَ الوَقْتِ والعَمَلِ.

===

طَحَن فالدقيقُ لِرَبِّ المطحون، وللطاحن أَجْرُ المِثْل. (و) لا إِجارة (نَحْوِهَا) من الإِجارات، كإِجارة الحَمَّال لِحَمْل الطعام بِقَفِيْز (١) منه، فإِنها لا تجوز، فإِن حَمَله فله أَجْرُ مِثْله لا يجاوز القَفِيْز. أَمَّا فساد الإِجارة فَلِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِي والبَيْهَقِي في «سننهما»، وأَبو يَعْلى المَوْصِلي في «مسنده» عن أَبي سعيد الخُدْرِي قال: نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن عَسْبِ الفَحْلِ، وعن قَفيز الطَّحَان. وفي «الهداية»: هو أَنْ يستأْجِرَ ثَوْراً ليطحن له طحنةً بِقَفِيزٍ من دقيقها. وأَما وجوب أَجْر المِثْل، فلأَنه سلم (له) (٢) المعقود عليه. وأَما أَنه لا يجاوز (بالأَجْر) (٣) المُسَمَّى، فلأَن الإِجارة لما فَسَدَت وجب الأَقلُ من المُسَمَّى مِنْ أَجْر المِثْل لرضاه بِحَطِّ الزيادة.

[(فصل في حكم الجمع بين الوقت والعمل في الإجارة)]

(ولا) يصح (الجَمْعُ) في الإِجارة (بَيْنَ الوَقْتِ والعَمَلِ) بدون حرف الظرف، كما لو استأْجر رجلاً ليخبز له عشرة أَقْفِزة اليوم بِدِرْهَم، وهذا عند أَبي حنيفة. وقالا: يصح، لأَن المعقود عليه العمل، وذِكْر الوقت للاستعجال لا لِتَعْلِيق الحقِّ، به، حتى لو فرغ منه في نصف النهار كان الأَجر له كاملاً، ولو لم يفرغه في اليوم كان عليه عمله إِلى الغد.

ولأَبي حنيفة أَنْ ذِكْر الوقت دليل كون المنفعة معقوداً عليها، وذِكْر العمل دليل كونه معقوداً عليه. ونَفْع المستأْجِر في الثاني ونَفْع الأَجِيْر في الأَول ولا ترجيح لأَحدهما على الآخَر، لأَن كل واحدٍ منها يقع معقوداً عليه في باب الإِجارة، فصار المعقود عليه مجهولاً جهالةً تُفْضِي إِلى المنازعة: بأَنْ يقول المستأْجِر إِذا فَرَغ الأَجِيْر من العمل في أَثناء النهار: منافعك في بقية المدة حَقِّي باعتبار تسمية الوقت، وأَنا أَستعمِلُك. ويقول الأَجِيْر إِذا لم يَفْرُغ من العمل عند مُضي اليوم: قد انتهى العقد بانتهاء المدة؛ والجهالة المُفْضية إِلى المنازعة مُفْسِدة.

وإِنَّما قلنا: بدون حَرْف الظرف، لأَنه رُوِي عن أَبي حنيفة أَنه قال: إِذا قال: «في اليوم» تصح الإِجارة، لأَن «في» للظرف لا للمُدَّة، فكان المعقود عليه العمل، بخلاف اليوم فإِنه للمدة، وقد سبق نظيره في الطَّلاق.


(١) القَفيز: مِكيالٌ قديم يختلف باختلاف البلاد. والقفيز الشرعي = ١٢ صاعًا، وهو ما يساوي ٣٩١٣٨ غرامًا من القمح عند الحنفية. معجم لغة الغقهاء ص ٣٦٨.
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٣) في المطبوع الأجر، وما أَثبتناه من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>