للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدِّيَةَ، كما في صبيٍّ أَودع عبدًا فَقَتَلَهُ.

فَإِنْ أَتْلَفَ مَالًا بِلَا إِيدَاعٍ ضَمِنَ. وإنْ أَتْلَفَ بَعْدَهُ، لا.

فَصْلٌ في القَسَامَةِ

===

الغاصب (الدِّيَةَ) أي دية الصبيّ. والقياس أن لا يضمن في الوجهين، وهو قول زفر ومالك والشّافعيّ وأحمد. ولنا: وهو وجه الاستحسان: أن هذا ضمان إتلاف، لا ضمان غصب، لأن نقله إلى أرض السِّبَاع، أو إلى مكان الصواعق تسبّبٌ في هلاكه، وتعدّ عليه بتفويت يدٍ حافظةٍ وهو الولي، لأن الصواعق والحيّات والسباع لا تكون بكل مكانٍ، بخلاف الموت فجأةً، أو بحمّى فإن ذلك لا يختلف باختلاف الأماكن، حتّى لو نقله إلى مكانٍ تغلب فيه الحمّى والأمراض ضَمَّن عاقلته الدّيَة، لكونه تسبّب في هلاكه، (كما في صبيِّ) أَي كما يضمن عاقلة صبي (أَودع عبداً) أَي جعل عبد وديعة عنده (فَقَتَلَهُ) أي قتل الصبيّ العبد المودَع.

(فَإِنْ أَتْلَفَ) الصبيّ (مَالاً بِلَا إِيدَاعٍ) أي ليس مودَعاً عنده (ضَمِنَ) لأنه مؤاخذٌ بأفعاله، وصحة القصد لا معتبر بها في حقوق العبد (وَإِنْ أَتْلَفَ) مالاً غير عبدٍ (بَعْدَهُ) أي بعد الإِيداع (لَا) أي لا يضمن الصبيّ. وهذا الفرق قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف والشّافعيّ، وهو قول مالك وأحمد: يضمن الصبيّ في الوجهين.

وفي «شرح الطَّحاوي»: أودِعَ عند صبيّ مالاً فهلك في يده لا ضمان عليه بالإجماع. فإن استهلكه الصبيّ، فإن كان مأذوناً له في التجارة ضمن بالإجماع وإن كان محجوراً عليه، فإن قَبِلَ الوديعة بإذن وليّه يضمن بالإجماع، وإن قَبِلَ بغير إذنه، فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة ومحمد لا في الحال ولا بعد الإدراك. وقال أبو يوسف والشافعي: يضمن في الحال، وأجمعوا على أنه لو استهلك مالاً بغير وديعةً ضمن في الحال.

فصلٌ في القَسَامَةِ

وهي في اللُّغة اسم مصدرٍ من أقسم. وقيل: إِنها القوم الذين يحلفون، سُمُّوا باسم المصدر، كما يُقَال: رجلٌ عَدْلٌ. وسببها: وجود القتل (١) في المحلّة، أو (ما) (٢) في


(١) في المخطوط: القتيل، والمثبت من المطبوع.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>