للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كَفَّارةُ اليَمِينِ]

وكفارته: عِتقُ رقبةٍ، أو إطعامُ عشرة مساكين - كما هي في الظِّهار - أو كِسْوَتُهم، لكلٍ ثوبٌ يستُر عامَّة بَدَنِه،

===

عليه السلام: {سَتَجِدُنِي إن شاء اللَّهُ صابراً} (١) ولم يصبر، ولم يُعدّ مُخْلِفاً لوعده. والاتصال شرط عمل الاستثناء في الإبطال، فلو انقطع بتنفّس أو سعال ونحوه لا يضر. وعن ابن عباس أنه كان يُجَوِّز الاستثناء المنفصل إلى ستة أشهر، وقيل: إلى سنة لقوله تعالى: {واذْكُرْ رَبَّك إذا نَسِيْتَ} (٢) أي: إذا نسيتَ الاستثناء موصولاً فاستثن بمفصول.

ورُوِي أن محمد بن إسحاق صاحب «المغازي» كان عند المنصور، فكان يقرأ عنده المغازي وأبو حنيفة كان حاضراً، فأراد أن يغري الخليفة عليه، فقال: إن هذا الشيخ يخالفُ جدَّكَ في الاستثناء المنفصل، فقال: أَبَلَغَ مِنْ قدرك أن تخالف جدي؟ فقال: إن هذا يريد أن يُفسدَ عليك مُلكك، لأنه لو جاز الاستثناء المنفصل، فبارك الله لك في عُهُودِكَ إذاً، فإن الناس يُبَايِعونك ويَحلِفون، ثم يخرجون ويستثنون، ثم يخالفون ولايخشَون، فقال: نِعْمَ ما قلت، وغضب على محمد بن إسحاق وأخرجه من عنده.

وأما تأويل قوله تعالى: {واذْكُر رَبَّك إذا نَسِيْتَ} أي إذا لم تَذْكُر إن شاء الله في أول كلامك فاذكره في آخره موصولاً به. كذا ذكره بعضهم. وعندي أنه خاصٌ بما بين العبد وربه في نحو قوله: {إني فاعلٌ ذلك غَداً} (٣) ولم يستثن نسياناً، فمتى جاء في ذكره ينبغي أن يستثنىِ ولو في آخِر عمره مرةً. وقيل: المعنى اذكر ربَّك إذا نسيت غيره ولو نفسك، فإن كمال الذكر هو الفَناءُ والاستغراق في نحو شهود المذكور المعبَّر عنه بكمال الحضور.

(كَفَّاَرة اليَمِينِ)

(وكفارته) أي كفارة القَسَم واحد من ثلاثة. ويتعينُ بفعل العبد أَحدها (عِتقُ رقبة) أي عبد أو أَمة (أو إطعامُ عشرة مساكين كما هي في الظِّهَار) الظاهر أنه قيد للأَخير، ويُحتمل أن يكون لهما. وفي نُسخة: كما هما في الظهار، أي كالعِتْق والإطعام في كفارة الظهار. وقد تقدم أنه يطعم كل مسكين نِصف صاعٍ من بُرّ، أو صاعاً من غيره. (أو كِسْوَتُهم لكل) من العشرة (ثوبٌ يستُر عامة بَدَنِه) قميص أو إزار


(١) سورة الكهف، آية: (٦٩).
(٢) سورة الكهف، آية: (٢٤).
(٣) سورة الكهف، الآية: (٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>