تفسيره: يعني ركعتين بقراءة، وركعتين بقراءة. وفسر أصحابنا بأنهم كانوا يُصَلُّون الفريضة، ويصلُّون بعدها مرة أخرى. ويطلبون بذلك زيادة الأجر، فنَهَى عن ذلك. ويؤيد هذا التفسير ما في «سنن أبي داود»: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُصَلَّى صلاة في اليوم مرتين».
(فَصْلٌ في صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ)
(وسُنَّ التَّرَاوِيحُ) وقيل يستحب، ولم يذكرها محمد في ظاهر الرواية، وذكرها غيره. وأجمعت الأمّة على شرعيتها. ولا اعتداد بمخالفة (الخوارج)(١) لأنهم أقبح أهل البدعة، ومعارضون لأهل السنة. وقد أقامها النبيّ صلى الله عليه وسلم وبَيَّنَ عذره في تركها بما في «الصحيحين» عن عائشة: «أن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلَّى في المسجد فصلّى بصلاته ناس، ثم صلّى من القابلة، فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم، فلم يَمْنَعْنِي من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم». وذلك في رمضان. زاد البخاري في كتاب الصوم:«فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك».
وعن زَيْد بن ثَابِت:«أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم اتّخذ حُجْرَة في المسجد من حصير، فصلّى فيها ليالي حتى اجتمع عليه ناس، ثم فقدوا صوته ليلة، فظنّوا أنه قد نام فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم فقال: ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم حتى خشيت أنْ يكتب عليكم، ولو كُتِبَ عليكم ما قمتم به، فصلُّوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلاّ الصلاة المكتوبة». متفق عليه.
وعن أبي ذر قال: «صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى بقي سبع، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلمَّا كان السادسة لم يقم بنا، فلمَّا كان الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل. قلت: يا رسول الله لو نَفَلْتَنَا قيام هذه الليلة فقال: إن الرجل إذا صلّى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة. فلمَّا كانت الرابعة لم يقم بنا. فلما كانت الثالثة، جمع أهله ونساءه والناس فقام بنا حتى خشينا