للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وإن لم يستهل لم يُصَلَّ عليه ولم يورث ولم يَعْقِل». ونحوه عن جابر من طرق، مرفوعاً عند الترمذي والنَّسائي، وابن ماجه، والحاكم وصحح بعضها.

وموقوفاً عند ابن أبي شَيْبَة، عن شَعْث بن سَوَّار، عن أبي الزُّبَيْر، عن جابر قال: «إذا استهل الصبيّ صُلِّي عليه، ووَرِثَ، وإذا لم يستهل لم يُصَلَّ عليه، ولا يُوَرَث». والاستهلال: ما يوجد منه مما يدل على الحياة من رفع صوت أو حركة عضو. والمعتبر خروج أكثره حيّاً، وما دونه لا يعتبر.

وذهب أحمد إلى أن الطفل يُصَلَّى عليه إذا استكمل أربعة أشهر، وهو أحد قولي الشافعي، لقوله عليه الصلاة والسلام: «السِّقْطُ يُصلَّى عليه، ويُدْعَى لوالديه بالمغفرة والرحمة». رواه أصحاب «السنن». قلنا: هو محمول على ذي الروح بصريح النهي عنه.

ولو مات كافر وله قريب مسلم، غسله كالثوب النجس، ولَفَّه في خِرْقَة، وألقاه في حفرة من غير مراعاة السنة في شيء من ذلك، لقول عليّ كرَّم الله وجهه لَمَّا مات أبو طالب: «انطلقتُ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقلت له: إنَّ عمك الشيخ الضالَّ قد مات. قال: اذهب فوارِ أباك ثم لا تُحْدِثَنَّ شيئاً حتى تأتيَني، فذهبت فواريْتُه وجئته. فأمرني، فاغتسلت ودعا لي». رواه أبو داود، والنَّسائي، وكذا أحمد، وابن أبي شَيْبَة، والبَزَّار في مسانيدهم.

وروى الوَاقِدَيّ عن علي قال: «أخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بموت أبي طالب، فبكى، ثم قال: اذهب فاغسله، وكَفِّنه، ووَارِه. فقال: ففعلت ثم أتيته. فقال: اذهب فاغتسل. قال: وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر له أياماً، ولا يخرج من بيته حتى نزل عليه جبرائيل عليه والسلام بهذه الآية: {مَا كَانَ لِلْنَّبِي والَّذِينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا للمُشْرِكِينَ ولَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} (١) . الآية».

[(هبة ثواب الأعمال للميت)]

وفي «الهداية»: مذهب أهل السنة والجماعة أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره: صلاة. أو صوماً، أو صدقة، أو غيرها. يعني قراءة قرآن، وأذكار، وأدعية. وأصل ذلك ما روى الجماعة: «أن النبيّ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بكَبْشَيْنِ: أحدهما عن نفسه، والآخر عن أُمَّته». وروى الدَّارَقُطْنِيّ: «أن رجلاً سأل النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: كان لي أبوان أَبُرُّهما حال


(١) سورة التوبة، الآية: (١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>