للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُفْتَى اليَّوْمَ بِصِحَّتِهَا.

فَصْلٌ [في حُكمُ الإجارةِ على المَعَاصي]

ولا للمَعَاصِي: كالغِنَاءِ

===

ومعنى قوله: «أَحَقُّ ما أَخَذْتُمْ عليه أَجْراً كِتَابُ الله» الجِعَالة (١) في الرُّقْيَة، لأَنَّ ذلك في سياق جزاء الرّقْية، ودائرة الجِعَالة أَوْسع من دائرة الإِجارة. ولهذا تجوز مع جهالة العمل والمدة دون الإِجارة، أَوْ أَنَّ المأَخوذَ منه قطيعَ الغنم كان كافراً غير مُسْتأَمِن فجاز أَخْذُ ماله. أَوْ أَنَّ حق الضيف واجبٌ ولم يضيفوهم. أَوْ أَنْ الرُّقْية ليست بقراءةٍ مَحْضة، فجاز أَخْذ الأُجْرة عليها.

وأَما الرزق مِنْ بيت المال فيجوز لِمَنْ يتعدَّى نَفْعُه، لأَنَّ بيت المال من مصالح المسلمين فجرى مجرى الوَقْف عليهم، بخلاف الأُجرة. وأَما الاستنابة عن الحجِّ فللآمِر ثوابُ الإنفاق، وبه يسقط الفَرْض عنه فيكونُ أُجْرةً للخِدْمة، أَوْ لِقَطْع المسافة. وعلى تقدير أَنَّ الأَفعال تَقَعُ عن الآمِر لا تكون إِجارَةً على الحج، بل إِنْفَاقَاً عن النَّائِبِ.

(ويُفْتَى اليَّوْمَ بِصِحَّتِهَا) أَي الإِجارة على الأَذَان والإِمامة وتعليم القرآن، لأن المتقدِّمِينَ إِنَّما مَنَعُوا منها لرغبة الناس في زمانهم في فِعْلها احتساباً، وفي مجازاة فاعلها بالإِحْسان بلا شَرْط. وفي هذا الزمان قد زال المعنيان، ففي عدم صحة الإِجارة عليها تَضْيِيعُهَا، ولا يَبْعُد أَنْ يختلف الحكم باختلاف الأَزْمِنة، أَلا ترى أَنَّ النِّسَاءُ كُنَّ يَخْرجن إِلى الجماعات في زمنه عليه الصلاة والسلام وأَبي بكر حتى مَنَعَهن عُمَرُ عن ذلك.

وفي: «الهداية»: وبعض مشايخنا استحسنوا الاستئجار على تعليم القرآن اليوم، وعليه الفتوى. وفي «النهاية»: يُفْتى بجواز الاستئجار على تعليم الفقه أَيضاً في زماننا. وفي «المجمع»: وقيل: يُفْتَى بجوازِهِ، أَي الاستئجار على التعليم والإِمامة والفقه. وفي «الذخيرة» و «الروضة»: عن بعض أَصحابنا يجوز في زماننا للإِمام، والمؤذن، والمعلم أَخْذُ الأُجرة.

[فصل (في حكم الإجارة على المعاصي)]

(ولا) تصح الإِجارة (للمَعَاصِي، كالغِنَاءِ) لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «(إِنْ) (٢) الغِنَاءَ


(١) الجِعَالة: هي التزامُ عوضٍ معلوم على عمل معيّن بقطع النظر عن فاعله، كقوله: مَنْ ردّ عليّ حصاني فله كذا .. معجم لغة الفقهاء ص ١٦٤.
(٢) سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>