للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

(عليه) (١) من بيت المال، فيجوز الأَجْر عليه فإِنه بمعناه، ولأَنه قد يحتاج إِلى الاستنابة في الحج عَمَّن وجب عليه وَعَجَز عن فِعْله ولا يوجد مُتَبَرِّعٌ به.

ولنا ما رَوَى أَحمد وإِسحاق بن رَاهُويه، وابن أَبي شَيْبَة، وعبد الرزاق من حديث عبد الرحمن بن شِبْل قال: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اقْرَؤا القرآنَ ولا تأَكلوا به، ولا تَجْفُوا (٢) عنه، ولا تَغْلُوا (٣) فيه، ولا تَسْتَكْثِرُوا (٤) به». وما رَوَى أَبو داودِ وابنُ ماجه عن عُبادة بن الصَّامت قال: عَلَّمْتُ ناساً من أَهل الصُّفَّةِ (٥) القرآن وأَهْدَى إِليَّ رَجُلٌ منهم قوساً. فقلت: لَيْسَت بِمَالٍ، وأَرْمِي بِهَا في سَبِيْلِ الله. فسأَلتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: «إِنْ أَردت أَنْ يُطوِّقَكَ اللَّهُ طَوْقَاً مِنْ نارٍ فاقْبَلْها». وفي رواية: فَقُلْتُ: ما تَرَى فيها يا رسولَ الله؟ فقال: «جمرة بين كتفيك تقلّدتَها أَوْ تعلقتَها».

وَرَوَى أَصحابِ «السُّنن الأَربعة» بِطُرُق مختلفة، فَلَفْظ أَبي داود والنَّسائي عن عثمان ابن أَبي العاص قال: قلت: يا رسولَ الله، اجعلني إِمَامَ قومي، قال: أَنْتَ إِمَامُهُمْ، واتَّخِذ مُؤذِّنَاً لا يأَخذُ على أَذَانِهِ أَجْرَاً». وروى الترمذي في «جامعه» مُسْنَداً إِلى الحسن، عن عثمان بن أَبي العاص قال: إِنَّ آخِرَ ما عَهِدَ إِليَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم «أَنْ اتَّخِذ مُؤذِّنَا لا يأَخذُ على أَذَانِهِ أَجْرَاً».

وحديث التزويج ليس فيه تصريح بأَنَّ التعليم صَدَاق، فَلَعَلَّهُ زَوَّجَهَا إِيَّاه بغيرِ صَدَاقٍ إِكراماً له كما زوَّجَ أَبَا طَلْحَة أُمَّ سُلَيْم على إِسْلَامِه. فإِنَّ النكاح يصح بدون ذِكْر المهر، ومع ذلك يجب مَهْر المِثْل وتكونُ: «الباء» (٦) مكان «اللام»، أي «لِمَا» معك من القرآن، أو لعل المرأَة وهبتها له باعتبار ذلك.


(١) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٢) لا تَجْفُو عنه: أَي لا تبعدوا عن تلاوته. فيض القدير ٢/ ٦٤.
(٣) تَغْلُوا فيه: أَي تجاوزوا حدّه من حيث لفظُهُ أَو معناه، بأَن تتأَولوه بباطل. أَو المراد لا تبذلوا جهدكم في قراءته وتتركوا غيره من العبادات. فيض القدير ٢/ ٦٤.
(٤) لا تستكثروا به: أَي لا تجعلوه سببًا للإكثار من الدنيا. فيض القدير ٢/ ٦٤.
(٥) أَهْل الصُّفَّة: هم فقراء المهاجرين ومَنْ لم يكن له منهم منزلٌ يَسْكُنُه، فكانوا يأوُون إِلى موضع مُظَلَّل في مسجد المدينة يسكنُونُه. النهاية ٣/ ٣٧.
(٦) أَي الباء في كلمة "بما" الواردة في الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>