للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانقطاعُ الحيضِ والنِّفاسِ، لا وَطْءُ بهِيمةٍ بلا إنزالٍ. وسُنَّ للجُمُعَةِ، .....

===

ولهما ما روى أبو داود والترمذي: عن عائشة قالتْ: سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرَّجُل يَجدُ البَلَل ولا يَذْكُر احتلاماً؟ قال: «يَغتَسِلُ»، وعن الرَّجُل يَرى أنه قد احتَلم ولا يَجِدُ البَلَل؟ قال: «لا غُسْلَ عليه». فقالت أمُّ سَلَمة: يا رسول الله قالمرأةُ تَرى ذلك أعليها الغُسْلُ؟ قال: «نعم، إنما النِّساءُ شَقَائقُ الرجال». ولأنَّ النوم مظِنَّةُ الاحتلام فيُحمَل عليه، ثم يُحتمَلُ أنه كان مَنِيّاً فرَقَّ بواسطةِ الهواء، والاحتياطُ لازمٌ في بابِ العبادات.

وإنَّما قيَّدَ بالمستيقِظِ، لأنه لو أفاق السَّكرانُ والمُغْمَى عليه فوجَدَا مَذْياً لا غُسْلَ عليهما، لأنه وُجِدَ سببُ خروجِ المذي وهو السُّكرُ والإِغماءُ، فيُحالُ عليه. وتوضيحُهُ: أنَّ المَنِيَّ لا بُدَّ له مِنْ سببٍ، وقد ظهر في النوم وإن لم يَتذكَّر احتلاماً لكونه مظِنَّتَهُ، فإنَّ راحة النوم تهيجُ الشهوةَ مع احتمالِ حدوثِ الرِّقَّة، فاعتُبِرَ مَنِيّاً احتياطاً، ولا كذلك المُغْمَى عليه والسَّكرانُ، لأنه لم يَظهر فيهما هذا السَّبَبُ.

(وانقطاعُ الحيضِ) لقوله تعالى: {ولا تَقْرَبُوهُنَّ حتى يَطَّهَّرْنَ} (١) ، بتشديد الطَّاء، أي يَغْتَسِلن، فإنَّ مَنْعَ الزوجِ من القِربانِ الذي هو حقُّه، وجَعْلَ الغُسْلِ غايةً لذلك المنع، دليلٌ على وجوب الغُسل. (والنِّفاسِ) للإِجماعِ والقياسِ على الحَيْضِ.

(لا وَطْءُ بهيمةٍ) أي لا يوجب الغُسْلَ (٢) وطءُ دابَّةٍ، وكذا وطءُ ميتةٍ وصغيرةٍ لا تُشْتَهَى (بلا إِنزالٍ) لنقصانِ السَّببيَّة في اقتضاء الشهوة.

وقال مالك والشافعي: لا يُشتَرَطُ الإِنزالُ فيهما اعتباراً لهما بغيرهما.

(فيما يُسنَّ الغُسْلُ)

(وسُنَّ) أي الغُسْلُ (للجُمُعَة) بضمتين ويُسكَّنُ الميم، لِمَا روى أبو داود والترمذي والنسائي عن قتادة عن الحسن (٣) عن سَمُرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من توضَّأ يومَ الجمعة فبِهَا ونِعْمَتْ، ومَنْ اغتَسَل فهو أفضل». وهو مذهَبُ جمهورِ العلماءِ


(١) سورة البقرة، آية: (٢٢٢) قرأ شُعبة والأَخَوان: (حمزة، والكِسَائي)، وخَلَف، بفتح الطاء والهاء مع التشديد فيهما، وقرأ الباقون بسكون الطاء وضم الهاء مخفَّفة. "البدور الزاهرة" ص ٤٩.
(٢) عبارة المطبوعة: "أي لا يوجب وطء دابة"، والمثبت من المخطوطة.
(٣) في المخطوطة والمطبوعة: "عن قتادة قال: قال رسول الله … "، والمثبت من سنن أبي داود ١/ ٢٥١، كتاب الطهارة (١)، باب في الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة (١٢٨)، رقم (٣٥٤). والترمذي ٢/ ٣٦٩، كتاب الجمعة (٤)، باب ما جاء في الوضوء يوم الجمعة (٥)، رقم (٤٩٧)، والنسائي ٣/ ١٠٥، كتاب الجمعة (١٤)، باب في الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة (٩)، رقم (١٣٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>