للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصارَ مُحْرِمًا.

[مَحْظُورَاتِ الإِحْرامِ]

فَيَتَّقي الرَّفَثَ، والفُسُوقَ، والجِدَال،

===

عن القاسم بن محمد بن أَبي بكر أَنَّه قال: كان يَسْتَحِبُّ الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم بعد التلبية. رواه أَبو داود والدَّارَقُطْنِي.

(فَصَارَ مُحْرِماً) أَي بالجَمْع بين النيّة والتلبية. وينعقد الإِحرام بمجرد النيّة، ويُسَنُّ بهما عند مالك والشافعي، وهو رواية عن أَبي يوسف قياساً على الصوم.

ولنا أَنَّ التلبية ذِكْرٌ يقوم مقام تكبير التحريمة في الصلاة، ولذا شُرِط في أَولهما، وسُنَّ عند الانتقالات فيهما. وقد رُوِي عن ابن عباس في قوله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فيهنَّ الحَجَّ} (٢) ، قال: فَرْضُ الحَجِّ الإِهْلَالُ (١) . وقال ابن عمر: التلبية.

(محظورات الإِحرام)

(فَيَتَّقِي الرَّفَثَ والفُسُوقَ والجِدَال)، لقوله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فلا رَفَثَ ولا فُسُوقَ ولا جِدَالَ في الحَجِّ} (٢) ، وهذا نَهْي في صيغة النفي، وهو آكَدُ. والرَّفَثُ: الجِمَاع، لقوله سبحانه: {أُحِلَّ لكم لَيْلَةَ الصِيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسَائِكُم} (٣) ، أَوْ ذِكْرُ الجِمَاع ودواعيه بحضرة النساء. ورُوِي أَنَّ ابن عباس أَنْشَدَ شِعْره (٤) :

وهُنَّ يَمْشِينَ بنا هَمِيساً (٥) … إِنْ يَصْدُقِ الطير نَنِك لَمِيسا

فَقِيل له: أَتَرْفُثُ وأَنْتَ مُحْرِم؟ فقال: إِنَّمَا الرَّفَثُ ذِكْر الجِماع بحضرة النساء. وقيل: الفُحْشُ من الكلام. وقيل: ذِكْرُ الجِماع، ولو في غَيْبَةِ النساء. والفُسُوق: هو الخروج عن حدود الشريعة، وهو (٦) في حالة الإِحرام أَشَدُّ وأَقْبَح، لأَنها حالة الإِقبال على الطاعات وهِجْرَان المباحات، فصار كلبس الحرير في الصلاة، والتطريب في القراءة، ونظيرهُ الظلم في الأَشهر الحُرُم في قوله تعالى: {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} (٧) . وقيل: هو السِّباب، والتنابز بالأَلقاب. والجِدال: المجادلة، وهي


(١) سورة البقرة، الآية: (١٩٧).
(٢) الإِهلال: رَفْع الصوت بالتلبية. معجم لغة الفقهاء ص: ٩٦.
(٣) سورة البقرة، الآية: (١٨٧).
(٤) في المطبوعة: الشعر، وما أثبتناه من المخطوطة.
(٥) الهَمْس: هو صوتُ نَقْلِ أَخْفافِ الإِبل. النهاية: ٥/ ٢٧٣.
(٦) وفي المطبوعة: "هي".
(٧) سورة التوبة، الآية: (٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>