للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَتْلَ صَيْدِ البَرِّ، والإِشارةَ إِليه، والدَّلالَةَ عليه،

===

المخاصمة مع الرفيق، أَوْ الخادم، أَوْ المُكَارِي (١) من غير ضرورة تلجِئُهُ إِليه، وإِلا فمن تمام الحج ضَرْبُ الجَمَّال، وقد ورد أَنَّ الصِّدِّيقَ ضرب جمّاله لتقصيره في الطريق.

ويجوز نِكاح المُحْرم وإِنْكَاحه عندنا خلافاً لِمَالِك والشافعي. لهما قوله صلى الله عليه وسلم «لا يَنْكِح المُحْرِمُ ولا يُنْكَح» (٢) . رواه عثمان بن عفان رَضِيَ الله عنه. ولنا ما رُوي عن ابن عباس: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ ميمونةَ وهو مُحْرِمٌ. وهكذا رُوي عن عائشةَ، واختلفت الروايات في حديث أَبي رَافِع: ففي بعضها: تَزَوَّجَهَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو حلال، وفي بعضها: تَزَوَّجَها وهو مُحْرِم، وبنَى بها وهو حَلال، وكُنْتُ أَنَّا السفير فيما بينهما. وتبين بهذا الحديث أَنَّ المراد من حديث عثمان الوطاءُ دون العقد، فإِنه (٣) لِلوطئ (٤) حقيقةً، وإِن (٥) كان مُسْتَعَاراً للعقد مجازاً. وفي كتاب النكاح لهذا مزيد التحقيق والله ولي التوفيق.

(وقَتْلَ صَيْدِ البَرِّ) وهو ما كان توالده ومثواه في البر، دون صيد البحر: وهو ما يكون كلاهما (٦) في البحر. وأَصل ذلك قوله تعالى: {أُحِلَّ لكُم صَيْدُ البَحْرِ وطَعَامُهُ مَتَاعاً لكم وللسَّيَّارةِ وحُرِّمَ عليكم صَيْدُ البَرِّ ما دُمْتُم حُرُماً} (٧) أَي مُحْرِمين.

(والإِشارةَ إِليه، والدَّلالَةَ عليه) والفرق بينهما: أَنْ الإِشارة لما يكون بالحضرة، والدَّلالة لما يكون بالغَيْبة، والنوعان ممنوعان لما في الكتب الستة من حديث أَبي قَتَادة: أَنَّهم كانوا في مَسيرٍ لهم، بَعْضُهم مُحْرِمٌ وبَعْضُهُم لَيْس بِمُحْرِم، قال: فَرَأَيْتُ حِمَارَ وَحْشٍ فَرَكِبْتُ فرسي، وأَخَذْتُ الرُّمْحَ واسْتَعَنْتُ بهم، فأَبَوْا أَنْ يُعِينُوني، فاخْتَلَسْتُ سوطاً من بعضهم وشددت على الحمار فأَصَبْتُه، فأَكلوا منه فأَشفقوا ـ وفي نسخة: واستبقوا ـ قال: فَسُئِلَ عن ذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: «أَمِنْكُم أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عليها أَوْ أَشارَ إِليها؟» قالوا: لا، قال: «فكلوا ما بقي من لَحْمِهَا».


(١) المُكاري: الذي يؤجر الدوابَّ ونحوها. معجم لغة الفقهاء ص: ٤٥٥.
(٢) صحيح مسلم ٢/ ١٠٣١، كتاب النكاح (١٦)، باب تحريم نكاح المحرم (٥)، رقم (٤٣ - ١٤٠٩) وأبو داود ٢/ ٤٢١ - ٤٢٢، كتاب المناسك (١١)، باب المحرم يتزوج (٣٨)، رقم (١٨٤١).
(٣) أي لفظ "النكاح".
(٤) وفي المطبوعة: الوطئ.
(٥) وصلية وليست شرطية.
(٦) أي توالده ومثواه.
(٧) سورة المائدة، الآية: (٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>