للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الشُّفْعَةِ

هي تَمَلُّكُ العَقَارِ عَلَى مُشْتَرِيهِ جَبْرًا بِمِثْلِ ثَمَنِهِ. وَتَثْبُتُ بِقَدْرِ رُؤوسِ الشُّفَعَاءِ، لَا المِلْكِ لِلخَلِيطِ في نَفْسِ المَبِيعِ. ثُمَّ لِلْخَلِيطِ في حَقِّ المَبِيعِ كَالشِّرْبِ

===

كتاب الشُّفْعَةِ

(هي) لغةً: الضم، ومنه الشفع في الصلاة لِضَمِّ ركعةٍ إلى أخرى. والشفع هو ضد الوتر. والشفيع لانضمام رأيه إلى رأي المشفوع له في الطلب، وشفاعة المذنبين لأنّها تضمهم إلى الفائزين.

وشرعاً: (تَمَلُّكُ العَقَارِ عَلَى مُشْتَرِيهِ جَبْراً بِمِثْلِ ثَمَنِهِ) الذي اشتراه به، لِمَا في «صحيح مسلم» عن جابرٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الشُّفْعَةُ في كلّ شِرْكٍ: (في أرض، أو) (١) رَبْعٍ (٢) ، أو حائطٍ (٣) لا يَصْلُحُ أن يبيع حتّى يعرض على شريكه فيأخذ أوْ يدع، فإن أَبَى فشريكه أحقّ به حتّى يُؤْذِنَهُ».

(وَتَثْبُتُ) الشّفعة (بِقَدْرِ رُؤوسِ الشُّفَعَاءِ) عندنا (لَا) بقدر (المِلْكِ) كما قال مالك والشّافعيّ في الجديد، وأحمد في روايةٍ. فلو كانت دار بين ثلاثة: لأحدهم نصفها، والآخر ثلثها، والآخر سدسها، فباع صاحب النّصف نصيبه وطلب الشريكان الشّفعة، فإنّ القاضي يقضي بها نصفين عندنا لكل واحدٍ نصفٌ، وأثلاثاً عندهم: لصاحب الثلث ثلثان، ولصاحب السدس ثلث. لأنّ الشّفعة من حقوق الملك لكونها لتكميل المنفعة، فيقدر بقدره، كالربح، والغلة، والولد، والثّمرة.

ولنا: إنّ التّساوي في سبب الاستحقاق يوجب التّساوي في الاستحقاق، والشّركاء متساوون في سبب الشّفعة، ولهذا لو انفرد واحدٌ منهم أخذ الكلّ وإنّ قلّ نصيبه، فيستوون في الاستحقاق، كما لو استوت الأنصباء والربح ونحوه متولّدات من الملك فيستحقّ بقدره، (لِلخَلِيطِ) متعلّق بـ: «تثبت» (في نَفْسِ المَبِيعِ) متعلّق بالخليط وهو الشريك الذي لم يقاسم، ولو كان ذمياً لمساواة المسلم في سببها، وهو أمر دنيوي وهما فيه سواء. (ثُمَّ لِلْخَلِيطِ) أي الشريك (في حَقِّ المَبِيعِ كَالشِّرْبِ) ـ بكسر المعجمة ـ وهو النصيب في الماء، ومنه قوله تعالى:


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط والمطبوع، والصواب إثباته لموافقته لما في صحيح مسلم ٣/ ١٢٢٩، كتاب المساقاة (٢٢)، باب الشفعة (٢٨)، رقم (١٣٥ - ١٦٠٨).
(٢) الرَّبْعُ: المنزل ودار الإقامة. النهاية (٢/ ١٨٩).
(٣) الحائط: البُستان، المعجم الوسيط. ص ٢٠٨، مادة (حاط).

<<  <  ج: ص:  >  >>