للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والطَّرِيقِ خَاصَّيْنِ، كَشِرْبِ نَهْرٍ لا تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ، وَطَرِيقٍ لا يَنْفُذُ، ثُمَّ لِجَارٍ مُلَاصِقٍ، بَابُهُ في سِكَّةٍ أخْرَى.

===

{لَهَا شِرْبٌ ولَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} (١) .

(والطَّرِيقِ) أي وكالممر (خَاصَّيْنِ) حال (كَشِرب نَهْرٍ لا تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ) بضمتين جمع سفينة (وَطَرِيقٍ لا يَنْفُذُ) وقيل: مفوّضٌ إلى المجتهد في كل عصر.

(ثُمَّ لِجَارٍ مُلَاصِقٍ) و (بَابُهُ في سِكَّةٍ أخْرَى) قيّد به لأنه لو كان بابه في سكة الدّار لكان خليطاً في حقّ المبيع. والحاصل أنّها له وإن كان بابه في سكة أخرى، أو للجار المقابل في السكة الغير النافذة. فعندنا الشّفْعة لكل واحدٍ من هذه الثلاثة على هذا الترتيب، وهو قول سفيان الثَّوْرِيّ، وعبد الله بن المبارك كما ذكر التّرمذي في «جامعه». وقال مالك والشّافعيّ وأحمد: لا شُفْعَة للجار لِمَا روى البخاري عن أبي سَلَمَة، عن جابر بن عبد الله قال: قضى رسول الله بالشفعة في كلّ ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصُرِفَت الطُّرق، فلا شفعة. وفي رواية «الشُّفْعة فيما لم يقسم» إلى آخره. وفي لفظ له: إنّما جعل النّبي صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود … الحديثَ. ولأنّ الشُّفْعة تثبت على خلاف القياس لما فيها من تملّك مال الغير بغير رضاه، فيقتصر على مورد النّص، وهو ما لم يقسم.

ولنا: ما في البخاري عن أبي رَافِعِ أنّه سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «الجار أحقّ بسَقَبِهِ». وما روى أبو داود في البيوع، والترمذي في الأحكام وقال: حسنٌ صحيحٌ، والنَّسائي في الشروط (عن قَتَادة) (٢) عن الحسن، عن سَمُرَة (٣) أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «جار الدّار أحقُّ بدار الجار أو الأرض». ورواه أحمد في «مسنده»، والطَّبَرَانِيّ في «معجمه»، وابن أبي شَيْبَة في «مصنفه»، وفي بعض ألفاظهم: «الجار أحقُّ بشفعة الدَّار». وفي رواية لأبي داود في «سننه» عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الجار أحقّ بشفعة جاره، يُنْتَظَرُ بها وإن كان غائباً، إذا كان طريقهما واحداً». فإن قيل: المراد بما رويتم الجار الذي يكون شريكاً، لِمَا أخرجه البُخَاري عن عمرو بن الشَّرِيد قال: وقفت على سعد بن أبي وقّاصٍ، فجاء المِسْور بن مَخْرَمَةَ فوضع يده على إحدى مَنْكِبيّ، إذ جاء أبو رَافعٍ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا سعد ابْتَعْ مني بَيْتَيَّ في


(١) سورة الشعراء، الآية: (١٥٥).
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط، وهي صحيحة لموافقتها لما في سنن الترمذي ٣/ ٦٥٠، كتاب الأحكام (١٣)، باب ما جاء في الشفعة (٣١) - رقم (١٣٦٨).
(٣) حُرِّفت في المطبوع والمخطوط إلى: عن الحسن بن سَمُرَة، والصواب ما أثبتناه. من مصادر التخريج.

<<  <  ج: ص:  >  >>