للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوَلَدُ حُرٌّ بِقَرَابَتِهِ. والطِّفْلُ يَتْبَعُ خَيْرَ الأَبَوَيْنِ دِيناً، وعِنْدَ عَدَمِهِمَا يَتْبَعُ الدَّارَ، والمَجُوسِيُّ شَرٌّ مِنَ الكِتَابِيِّ.

===

(والوَلَدُ حُرٌّ بِقَرَابَتِهِ) لأن الأمة ملك الابن، وولدها من أبيه أخوه، فيتبعها في الملك ويَعْتِقُ عليه. وجعل محمَّد ولد العبد المغرور حرًّا بالقيمة كولد الحرّ المغرور، وهما حكما بِرِقِّهِ. وجه محمد: أن السبب الموجب للحرية الغرور، واشتراط الحرية فيها عند النِّكاح، وهذا يتحقق في الرقيق كما يتحقق في الحرّ، وكما يحتاج الحرُّ إلى حرية الولد، فالمملوك يحتاج إلى ذلك، بل حاجته أظهر لأنه رُبَّما يتطرق به إلى حريّة نفسه. وأبو حنيفة وأبو يوسف قالا: هذا الولد مخلوق من ماء رقيقين فيكون رقيقًا، وهذا لأن الولد متفرع من الأصل، وإنَّما يتفرع لصفة الأصل. وإذا كان الأصلان رقيقين، لا تثبت الحرية للولد من غير عِتْقٍ. وأمَّا إذا كان الزوج حراً، فقد ثبت حرية الولد هناك باتفاق الصحابة بخلاف القياس.

(والطِّفْلُ يَتْبَعُ خَيْرَ الأَبَوَيْنِ دِيناً) لأنّ ذلك أنظر له، فيتبع الأبَ إذا أسلم والأم إذا أسلمت. (وعِنْدَ عَدَمِهِمَا) أي عدم الأبوين بأن وُجِدَ لقيطاً (يَتْبَعُ الدَّارَ) لأن الظاهر أنه من أطفال أهلها. (والمَجُوسِيُّ شَرٌّ مِنَ الكِتَابِيِّ) فالطفل منهما يتبع الكتابيّ، لأن حلَّ الذبيحة وجواز المناكحة من أحكام الإسلام، فيُرَجَّح بهما كما يرجَّح بالإسلام. وإنما لم يقل والكتابيّ خير من المجوسيّ، لأنه لا خير في الكتابي لكن شره أقلُّ من شر المجوسيّ.

(نِكَاحِ الكُفَّارِ)

واعلم أن نكاح الكفَّار أبقاه علماؤنا والشافعي، وأبطله مالك في المشهور عنه، لأن جوازه يفتقر إلى شروط هي معدومةٌ في أنكحتهم، فيجب فسادها، وعنه أنه إنَّما يجوز منه ما لو ابتدؤه بعد الإسلام صحَّ، وإلاَّ فلا.

ولنا قوله تعالى: {وامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ} (١) ولولا انعقادُه لَمَا أخبر بأنها امرأته، وقوله صلى الله عليه وسلم «وُلِدتُ مِنْ نكاحٍ لا من سفاحٍ» (٢) . ولولا صحته لَمَا افتخر به، فنكاحهم جائز عند أبي حنيفة مطلقاً، وإن تزوَّجوا بمحارمهم، حتى يحكم لها بالنفقة إذا طلبت، لأنا أُمِرْنا أن نتركهم وما يدينون. واستثنى صاحباه من الجواز المَحْرَم


(١) سورة المَسَد، الآية: (٤).
(٢) لم نجده بهذا اللفظ، ولكن روى الطبراني في "المعجم الكبير" ١٠/ ٣٢، رقم (١٠٨١٢) بلفظ: "ما ولدني من سفاح أهل الجاهلية شيء، وما ولدني إلّا نكاح كنكاح الإسلام" ورواه البيهقي في السنن الكبرى ٧/ ١٩٠، ورواه عبد الرّزاق بلفظ: "إني خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح".

<<  <  ج: ص:  >  >>