يأخذ من مال ابنه نفقته بلا رضاه لصيانة نفسه، كان له أن ينقل ملك جارية ابنه إلى ملك نفسه لصيانة نسله.
(وَوَجَبَ قِيمَتُهَا) والفرق بين هذا، وبين الطعام والكِسْوَة حيث لا يجب قيمتهما إذا استعملهما الأب للحاجة، أن الحاجة إلى الاستيلاد دون الحاجة إلى الطعام والكِسْوَة، فيملك الأب الطعام والكِسْوَة من مال ابنه من غير قيمة، ولا يملك الأمة إلاَّ بقيمتها. ولا فرق بين كون الأب مُعْسِراً أو مُوسِراً، لأن هذا ضمانٌ نُقِلَ، فلا يختلف بالإعْسَار والإيسَار كالبيع، (لَا مَهْرُهَا) أي لا يجب مهرها خلافاً لزُفُر، لأن ملك الأب يثبت في الجارية قبل الوطاء حتى لا يكون الأب زانياً، وحينئذ لم يقع وطاء الأب إلاَّ في ملك نفسه.
(ولَا يَجِبُ قِيمَةُ وَلَدِهَا) لأنَّ الأب لَمّا ملك الجارية بالاستيلاد، كان الولد حادثاً على ملكه، فكان حر الأصل. أمَّا إذا كان الأب عبداً أو كافراً لا تصح دعوته، لأنه لا ولاية لكافر على مسلم ولا لعبد على حر. وكذا إذا أخرجها الولد بعد الوطاء من ملكه، ثم استردّها لا تصح دعوة الأب، لأن ثبوت الملك للأب بطريق الاستناد إلى وقت العُلُوق، فيستدعي ولاية التملك من وقت العُلُوق إلى حين التَّملُّك.
(والجَدُّ) أب الأب (كَالأَبِ بَعْدَ مَوْتِهِ) لقيامه حينئذٍ مقام الأب، وهذا إذا كان العُلُوق بعد موت الأب، حتى لو أتت بولد لأقل من ستة أشهر من موت الأب، فادَّعاه الجدّ لم تصحّ دعوته. (وإنْ نَكَحَها) أي إِنْ تزوج الأب أمَة ابنه (صَحَّ) وقال مالك والشافعيّ: لا يصحّ، لأن للأب شُبْهَة في ملك ابنه بدليل سقوط الحدّ إذا زنى بأمته، ولو ظَنَّ حرمتها، فيكون في معنى من تزوَّج أمة نفسه.
ولنا أن جارية الابن لا ملك للأب فيها ولا حق ملك، لأن ملك الابن فيها من كل وجه بدليل حل وطئه، ونفاذ عتقه، فلا يملكها الأب من وجه، وإلاّ اجتمع ملك شخصين في محل واحد في زمان واحد. وإذا لم يكن للأب فيها حق ملك، جاز له تزوّجها كجارية الأجنبيّ.
(وَلَمْ تَصِرْ أمَّ وَلَدِه) إذا أتت منه بولد خلافاً لزُفَر، وكذا إذا استولدها بنكاح فاسد. لأن انتقالها إلى ملك الأب لصيانة مائه، وقد صار مصوناً بدونه. (ويَجِبُ مَهْرُهَا) لالتزامه بالنِّكاح (لَا قِيمَتُهَا) لعدم ملك الرَّقبة.