للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أن وَلَدَ الأمة من مَوْلاهَا حرٌ.

فَصْلٌ في عِتْقِ البَعْضِ وغَيْرِهِ

إن أعتَقَ بَعْضَ عبدِه صَحَّ، وسَعَى فيما بقي، وهو كالمكاتَب بِلا ردٍّ إلى الرِّق لو عَجَزَ.

وقالا: عَتَقَ كُلهُ

===

قال عمر: كيف ذلك، فقال: أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حق من الله تعالى، وقد نَعَتَه في كتابنا، ولا أدري ما تصنع النساء، فقال عمر: وفقك الله فقد صدقت».

ولهذا المعنى يثبت نسب ولد الزنا والملاعنة من أمُه دون أبيه، فكان ماء الأم أولى بالاعتبار. ومذهب الشافعي أن المُدَبَّرة إذا ولدت من نكاح أو زنا لا يصير ولدها مدبّراً، وإن الحامِلَ إذا دُبِّرت صار ولدها مدبَّراً. وعن أحمد وجابر بن زيد، وعطاء: لا يتبعها ولدها في التدبير، حتى لا يُعتَق بموت سيدها. واعتبروه بالتعليق بدخول الدار، وللجمهور القياس على تبعيته لأم الولد.

(إلا أنَّ وَلَدَ الأمة من مَوْلاهَا حرٌ) لأنه مخلوق من مِائِهِ فيعتِقُ عليه، ولا يعارضها ماء الأمة، لأن ماءَها مملوك له، بخلاف أمَة الغير، لأن ماءَها مملوك لسيدها، فتحققت المعارضة فرجحنا جانبها بما تقدم. والزوج قد رضي بِرِقِّ ولدها حيث أقدم على نكاح الأمة بعلمه به، بخلاف ولد المَغْرور (١) ، لأن الوالد لم يرض به. ولو تزوج هاشمي أَمة فأتت بولد فهو رقيق تبعاً لأُمه، هاشمي تبعاً لأبيه، لأن النسب للتعريف، وحال الرجال مكشوفة دون النساء.

فصلٌ في عِتقِ البعضِ وغَيْرِه

(إن أعتَقَ) مولى (بعض عبده) سواء عيّن ذلك البعض بأن قال: رُبُعُك حر، أو أبهمه بأن قال: بعضُك حر (صَحَّ) عند أبي حنيفة، ولَزِم المولى تفسير المبهم بأنه: نِصفه، أو ثُلثه، أو نحوه (وسَعَى) العبدُ لمولاه (فيما بقي) لأن ماليةَ بعضه احتُبِست عنده، فيسعى لفكِ رقبتِهِ. والاستسعاء: أن يؤاجره ويأخذ قيمة ما بقي من أُجرتِه، (وهو كالمكاتب) في أنه لا يجوز بيعه ولا هبته. ويخرج إلى العِتق بسعايته، إلا أنه (بِلا ردّ إلى الرِّق لو عَجَزَ).

(وقالا:) إن أعتق بعضَ عبده (عَتَقَ كُلهُ) ولا يستسعيه، وهو قول مالك، والشافعي، وأحمد، وقَتادة، والثوري، والشَّعبي. وعلى هذا الخلاف تدبيرُ البعض، لأنه


(١) ولد المغرور: هو ما إذا تزوَّج حرٌّ امرأةً على أنها حرة فإذا هي أمة، فأَولاده منها أحرار وعليه قيمتهم لمولاها. الاختيار ٤/ ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>