للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ العَارِيَّةِ

هي: تَمْلِيْكُ نَفْعٍ بِلَا عِوَضٍ.

وتَصِحُّ بـ: أَعَرْتُكَ وَمَنحتُكَ، وأَطْعَمْتُكَ أَرْضِي،

===

كتاب العَارِيَّةِ

(هي) لُغَةً: ـ بالتشديد، وتخفَّف ـ منسوبة إِلى العَارِ، لأَن طلبها عارٌ وعيبٌ، على أَنَّ أَصل العار العرر.

وشَرْعَاً: (تَمْلِيْكُ نَفْعٍ بِلَا عِوَضٍ) فخرج تمليك العين، كالبيع والهِبَة، وتمليكُ النفع بِعِوَض، كالإِجارةِ. وقال الكَرْخِي: هي إِباحة الانتفاع، لا تمليك المنفعة، وهو قول الشافعيّ وأَحمد، لأَن المستعير لا يملك الإِجارة من غيره، ومَنْ ملك شيئاً ملك تَمْلِيكَهُ مِنْ غيرِهِ بِعِوَض.

ولنا أَنَّ المستعير إِنما لا يملك الإِجارة لما فيها من الضرر بالمُعِير، لأَنه مَلَّكَ المستعير المنافِعَ على وَجْهٍ يتمكن من الاسترداد متى شاء، فلو مَلَكَ المستعيرُ الإِجارة لم يتمكن المُعِيْرُ من ذلك (١) .

(فصلٌ في مشروعية العارية)

وهي مشروعةٌ بالكتاب: وهو قوله تعالى: {ويَمْنَعُونَ المَاعُونَ}، فإِنه سبحانه وتعالى ذَمَّ على منع الماعون الذي هو عدم إِعارته، فتكون إِعارته محمودة. وبالسنة: وهي ما رَوَى البخاري عن أَنس قال: كان فَزَعٌ بالمدينة فاستعارَ النبيُّ فَرساً من أَبي طَلْحَة ـ يقال له المندوبُ ـ فَرَكِبَهُ فلمَّا رجع قال: «ما رأَينا مِنْ شيءٍ، وإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرَاً» ـ أَي الفرس سريعاً كجريان البحر ـ. وبالإِجماع: فإِنَّ الأُمة أَجمعت على جوازها، وإِنما اختلفوا في كونها مستحبةً وهو قول الأكثر، أَوْ واجبة وهو قول البعض.

(فصل في الأَلفاظ التي تجوز بها العارية)

(وتَصِحُّ بـ: أَعَرْتُكَ) لأنه صريحُهَا (وَمَنحتُكَ) ثوبي هذا، لأَن أَصل المنح: أَنْ يُعْطِي الرَّجُل آخَر ناقةً أَوْ شاةً لِيَشْرَبَ لَبَنها، ثُم يردها إِذا فَرَغ، فَرُوعِيَ فيه أَصْل الوَضْع، وحُمِلَ على العارِيَّة إِذا لم يُرِد به الهبة. (وأَطْعَمْتُكَ أَرْضِي) لأَن الإِطعام إِذا أُضِيفَ إِلى


(١) أَي الاسترداد متى شاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>