للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابٌ في صَلاةِ الجُمُعَةِ

===

{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر} (١) وقوله صلى الله عليه وسلم «يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليها» (٢) ، مطلقةٌ (٣) لا تفرِّقُ بين سَفَرٍ وسَفَرٍ، وأنّ نفس السفر مباح، وإنما المعصية فيما جَاوَرَه من عقوق، أو خروج على الإمام، أو قطع طريق، والقُبْحِ المجاور لا يُعْدِمُ المشروعية كالصلاة في الأرض المغصوبة، والبيع وقت نداء الجمعة، والمسح على الخف المغصوب، وكثير من النظائر.

ثم من الغرائب: أن فقهاء ما وراء النهر اتفقوا في زمان عبد الله خان: على أنَّ السلطان في جميع مملكته حكمه حكم المقيم. وهذا خطأ فاحش، فإنه صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة قصر الصلاة، وكذا الخلفاء الراشدين كعمر وعثمان، إلاَّ أنَّ عثمان أتَمَّ في منىً آخر حجّه، وأُنْكِرَ عليه واعتَذَرَ بأنه تزوج بمكة. وروى حديثاً عنه صلى الله عليه وسلم «أن من تزوج بموضع صار في حكم المقيمين به» (٤) ، والله أعلم بالصواب.

باب في صَلَاةِ الجُمُعَةِ

وهي بضم الميم، وقُرِاء بإسكانها، وحُكِي فتحها، وسُمِّيت بذلك لاجتماع الناس فيها ولَمَّا قَدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أقام يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس في بني عمرو بن عَوْفٍ وأَسَّسَ مسجدهم، ثم خرج من عندهم فأدركته الجُمُعَة في بني سالم بن عوف، فصلاَّها في المسجد الذي في بطن الوادي دَانُونَاء، فكانت أول جمعة صلاّها صلى الله عليه وسلم بالمدينة.

ثم هي فريضة بالكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقوله تعالى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ للصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ فاسْعَوْا إلى ذِكْرِ اللَّهِ} (٥) لأنَّ المُرَاد بالذكر الصلاة. وإن كان المراد به الخُطْبَة التي هي شرط للصلاة، فَيَلْزَمُ السعيُّ إلى الصلاة التي هي المقصودة من باب أوْلى.

وأمَّا السُّنَّة، فقوله صلى الله عليه وسلم «الجُمُعَةُ حقٌّ واجبٌ على كل مسلم في


(١) سورة البقرة، الآية: (١٨٤).
(٢) مرَّ تخريجه ١٢١.
(٣) خبر "أن".
(٤) مرَّ تخريجه عن الإمام أحمد ص ٣٩٢.
(٥) سورة الجُمُعَة، الآية: (٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>