للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا المُتْعَةِ،

===

المُهَاجِرَة إذا كانت حاملاً من حربيّ يجوز تزوجها، ولا تُوطَأ حتى تضع. واعتمد الطحاوي هذه الرواية.

(حكم نكاح المُتعة)

(وَلا) يصح نكاح (المُتْعَةِ) وصورته: أن يُقال بحضرة الشهود لامرأة خالية عن الموانع: مَتِّعِيني نفسك، أو: أتَمَتَّعُ بِكِ كذا بكذا، ويَذكر مدةً من الزمان، وقَدْراً من المال، فتقول: مَتَّعْتُكَ نفسي. ولا بُدَّ من لفظ التمتع فيه، فرقاً بينه وبين المُوَقَّتِ لِمَا روى مسلم من حديث إياس بن سَلَمَة بن الأكوع قال: رَخَّصَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أَوْطَاس في المُتْعَة ثلاثاً، ثم نهى عنها. قال البيهقي: وعام أوْطَاس، وعام الفتح واحد، لأنه بعد الفتح بيسير. انتهى. وأوطاسُ يُصْرَفُ ولا يُصْرف: وادٍ من ديار هَوَازِن بالطائف، فيه قَسَمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم حُنَين.

وفي كتاب «الناسخ والمنسوخ» للحَازِمي: قد كانت المُتْعَة مباحةً في صدر الإسلام، وإنما أباحها النبي صلى الله عليه وسلم للسبب الذي ذكره ابن مسعود، كما في الصحيحين عن قيس بن أبي حَازِم قال: سمعتُ عبد الله بنَ مسعود يقول: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا نِساءٌ فقلنا: ألا نَسْتَخْصِي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رَخَّص لنا أن تُنْكَحَ المرأةُ بالثوب إلى أجلٍ، ثم قرأ عبد الله: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ الَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إنَّ الَا يُحِبُّ المُعْتَدِين} (١) ، وقراءَةُ عبد الله الآيةَ دَلَّ على أنه كان يَعتقد الإباحةَ مستمرةً كابن عباس، إلا أنه رَجَعَ بقول سعيد بن جُبير كما سيأتي.

وأما ابن مسعود فلعله رجع بعد ذلك أو استمر، لأنه لم يبلغه النهي بالنصّ، أو للسبب الذي ذكره ابن عباس، كما روى الترمذي عن ابن عباس، قال: إنما كانت المُتْعَةُ في أول الإسلام، كان الرجل يَقْدُم البلدة ليس له بها معرفة، فيتزوج المرأةَ بِقَدْرِ ما يرى أنه يُقيم، فتَحْفَظُ له مَتَاعَهُ، وتُصْلِحُ له شيئه، أي طبخه ونحوه، حتى إذا نزلت الآية: {إلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِم أَوْ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُهُم} (٢) قال ابن عباس: كلُّ فَرْجٍ سواهما حرامٌ، أي سوى الأزواج والسَّرَارِي.

قال الحازمي: ولم يَبْلُغْنَا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أباحها لهم وهم في بيوتهم وأوطانهم،


(١) سورة المائدة، الآية: (٨٧).
(٢) سورة المؤمنون، الآية: (٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>