للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعَلَيْهَا غَسْلُ الصبيّ وثِيَابِهِ، وإِصْلَاحُ طَعَامِهِ ودَهْنُهُ. وعَلَى أَبِيْهِ الأَجْرُ وثَمَنُهَا. فإِنْ أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ شَاةٍ، أو غَذَّتْهُ بِطَعَامٍ وَمَضَتِ المُدَّةُ، فَلَا أَجْرَ لَهَا.

[حُكْمُ الإجارةِ على العباداتِ]

ولا تَصِحُّ للعِبَادَاتِ: كالأَذَانِ والإِمَامَةِ وتَعْلِيم القُرْآنِ.

===

لأَنَّ لبن المريض والحامل يضر الصغير.

(وعَلَيْهَا) أَي الظِّئْر (غَسْلُ الصبيّ و) غَسْل (ثِيَابِهِ) من البول والغائط ونحوهما (وإِصْلَاحُ طَعَامِهِ ودَهْنُهُ) ـ بالفَتْحِ (١) ـ للعُرْف، على أَنَّ الظئر هي التي تتولى ذلك فصار كالمشروط. والأَصل أَنَّ الإِجارة إِذا وقعت على عملٍ فما كان من توابع ذلك العمل ولم يشترط في الإِجارة على الأَجِيْر، فالمرجع فيه (للعُرْف (٢) ). (وعَلَى أَبِيْهِ) أَي أبِ الصبي (الأَجْرُ) أَي أَجْر الظئر (وثَمَنُهَا) أَي ثمن ثيابه وطعامه وما يغسل وما يُدَّهن به، لأَنَّها من نفقته (فإِنْ أَرْضَعَتْهُ) أَي الصبي (بِلَبَنِ شَاةٍ أَوْ غَذَّتْهُ) ـ بتشديد المعجمة ـ أَي ربته (بِطَعَامٍ وَمَضَتِ المُدَّةُ) أَي مدة الإجارة (فَلَا أَجْرَ لَهَا) وبه قال مالك والشافعيّ وأَحمد.

[(حكم الإجارة على العبادات)]

(ولا تَصِحُّ) الإِجارة (للعِبَادَاتِ) في «شرح الوافي» والمذهب عندنا أَنَّ كلَّ طاعة يختص بها المسلم، فالاستئجار عليها باطل (كالأَذَانِ)، والحج (والإِمَامَةِ وتَعْلِيم القُرْأَنِ)، وتعليم الفقه، وهو نص أَحمد، وقول عَطَاء، والضَّحَّاك، والزُّهْرِي، والحسن، وابن سِيرين، وطاوس، والنَّخَعي، والشَّعْبِي.

وقال مالك، والشافعيّ، وأَحمد في روايةٍ: تصح في كل ما لا يتعين على الأَجير فعله، كالاستئجار لبناء المسجد، حتى لو تَعيَّن الإِفتاء أَوْ الإِمامة على واحدٍ لا تصح إِجارته، لأَنه عليه الصَّلاة والسَّلام زَوَّج رجلاً بما معه من القرآن. وإِذا جاز تعليم القرآن عِوضاً في بابِ النكاح، جاز في باب الإِجارة. ولأَنَّ أَبا سعيد الخُدْرِي رَقَى بفاتحة الكتاب وأَخَذ قَطِيعاً من الغنم، واقتسمه هو وأَصحابُهُ بِأَمْر النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَحَقَّ ما أَخَذْتُم عليه أَجْرَاً كتابُ الله» (٣) . ولأَنه يجوز أَخْذُ الرِّزق


(١) أَي بفتح الدال في كلمة "دَهنه".
(٢) في المطبوع: العُرْف، وما أَثبْتناه من المخطوط.
(٣) أَخرجه الإمام البخارى في صحيحه (فتح الباري) تعليقًا، ٤/ ٤٥٢، كتاب الإِجارة (٣٧)، باب ما يُعْطى في الرُّقْية (١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>