للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصلْ [في رَهنِ المُشاع]

لا يَصِحُّ رَهْنُ مُشَاعٍ، وتَمْرٍ عَلَى نَخْلٍ دُوْنَه، وزَرْعِ أَرْضٍ، أَو نَخْلِهَا دُوْنَهَا، والحُرِّ وفُرُوعهِ.

===

المضمون فعلى المرتَهِن، وما هو حِصَّة الأَمانة فعلى الراهن، ونمنع نحن ومالك تَصُّرفَ الراهن في الرهن ولو كان بلا ضَرَرٍ يحصل فيه، كَسُكْنَى الدار، وركوب الدابة، إِلاَّ بإِذن المرتَهِن، كما لا يجوز للمرتَهِن أَنْ ينتفع به بدون إِذنه اتفاقاً.

وأَجاز الشافعيُّ انتفاع الراهن بالرَّهْن إِنْ لم يضر بالمرتَهِن. ولو أَكل المرتَهِن نماءه، كاللبِن، والثمر، والولد بإِذنٍ من الراهن لم يسقط شيء من دَيْن المُرتَهِن، لأَنه أَتْلَفه بإِذن مالكه، ويرجع بحِصَّة النماء إِنْ هلك الأصل عنده، فيقسم الدَّين على قيمة النماء الذي أَكله، وعلى قيمة الأَصل، فما أَصاب النماء منه أَخذه المرتَهِن من الراهن، لأنه تَلِف على مِلْك الراهن بِفِعْل المرتَهِن، والفعل حَصَل بتسليطٍ من قِبَلِه فصار كأَنه أَخَذَه وأَتْلَفَه، فكان مضموناً عليه، فيكون للمرتَهِن حِصّةٌ من الدَّين. والله تعالى أَعلم.

فصل (في رهن المُشاع)

(لا يَصِحُّ رَهْنُ مُشَاعٍ) سواء كان فيما يُقْسم أَوْ فيما لا يُقْسَم، وسواء رَهَنَهُ الرَّاهن مِنْ شَريكه أَوْ غيرهِ وسلمه كلَّه إِليه، وعند مالك والشافعي صحيح. (و) لا يصح رَهْن (تَمْرٍ عَلَى نَخْلٍ دُوْنَه) أَي دون النَّخْل. (و) لا رهن (زَرْعِ أَرْضٍ، أَوْ) رهن (نَخْلِهَا) أَي نخل الأَرض (دُوْنَهَا) أَي دون الأَرض، لأَن المرهون مُتَّصِلٌ بما ليس بمرهون اتصال خلقةٍ، فكان بمنزلة المُشاع. وكذا لا يجوز رَهْنُ أَرضٍ دون نَخْلِهَا، أَوْ دون زَرْعِهَا، ولا رهنُ نَخْل دون ثمره، إِذْ لا يمكن قَبْض المرهون وَحْدَه فصار كالمُشَاع.

(و) لا يصحُ رَهْنُ (الحُرِّ وفُرُوعهِ) أَي المُدَبَّر (١) ، وأُم الولد (٢) ، والمُكَاتَب (٣) ، لأَن موجَب الرهن ثبوتُ يد الاستيفاء، وهو لا يتصور من هذه الأَعيان لقيام


(١) المُدَبَّر: الرقيق الذي عُلِّق عتقُهُ على موتِ سيده، ومثاله قولُ السيد لعبده: إِنْ مِتُّ فأَنت حرٌّ. معجم لغة الفقهاء ص ٤١٨.
(٢) أُم الولد: الأَمةُ التي حملت من سيدها وأَتت بولد. معجم لغة الفقهاء ص ٨٨.
(٣) المكاتَب: الرقيق الذي تمَّ عقدٌ بينه وبين سيده على أَن يدفع له مبلغًا من المال نُجومًا - أَي متفرقًا متتابعًا - ليصيرَ حُرًّا. معجم لغة الفقهاء ص ٤٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>