للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نَوَاقِضُ التَّيمم]

ويَنقُضُه ناقضُ الأصل، وقُدرتُهُ على ماءٍ كافٍ لطُهْره لا ارتدادُهُ. ونُدِبَ لِرَاجيه صلاتُه آخِرَ الوقت.

===

(نَوَاقِضُ التَّيَمُّمِ)

(ويَنقُضُه) أي التيمُّمَ (ناقضُ الأصل) أصلِ ذلك التيمم وضوءاً كان أو غُسلاً، لأنه خَلَفُه فيأخذ حُكمَه منه. وفي بعض النسخ: ناقضُ الوضوء. (وقُدرتُهُ على ماءٍ) أي بإباحة أو تمليكٍ، في الصلاة أو خارجَها، قُدرةً حقيقةً أو حكميةً، كالناعس إذا مرَّ على الماء عند أبي حنيفة. وفي «فتاوى قاضيخان» قيل: يجبُ أن لا يُنقَضَ عند الكل، لأنه لو تيمَّمَ وبقُرْبِه ماء ولم يَعلم به صحَّ تيمُّمه فكذا هذا. انتهى. وهذا هو الظاهرُ، لأن أبا حنيفة إذا قال بجوازه لمستيقظٍ على شاطاء نهر لا يَعلَمُ به، فكيف يقولُ بانتقاض تيمُّم المارِّ به مع تحقُّق غفلته؟.

(كافٍ لطهْره) وضوءاً كان أو غُسلاً، لأنَّ الماء الذي لا يكفي للطهارة وجودُهُ كالعَدَمِ في حقّها. فلو اغتسل جنبٌ فبقي عضو من أعضائه وفَنِي الماءُ ثم أحدثَ حدثاً يوجب الوضوء فيتمَّمَ لهما، فإنْ وجَدَ بعد ذلك من الماء ما يكفي لِلُّمْعَةِ والوضوءِ بطل تيمُّمُه في حق كلِّ واحدٍ منهما، وإن لم يجد ما (١) يكفي لأحدهما بقي تيمُّمُه في حقهما، وإن وجَدَ ما يكفي لأحدهما بعينه بطل تيمُّمُه في حقه، وإن وجد ما يكفي لأحدهما لا بعينه غَسَل اللُّمْعَة لأنَّ الجنابة أغلظ.

وهل يُعيدُ التيمُّم للحدَث؟ فيه روايتان، وعلى إعادته فإنْ تيمَّم أولاً ثم غَسَل اللُّمعة، ففي إعادة التيمم أيضاً روايتان، وإن صَرَف الماء إلى الحدث انتقض تيمُّمه في حق اللُّمعة باتفاق الروايتين.

(لا ارتدادُهُ (٢) ) أي لا يَنقضُ التيمُّمَ ارتدادُ المتيمِّم، وقال زُفَر: يَنْقُضه لأنه عبادة، وكلُّ عبادة تَبطل بالرِّدَّة. واعتُرِضَ بأن التيمم لا يكون عبادة إلا بالنية، وهي ليست بشرط عند زُفَر. وأُجِيب بأن هذا القول منه في تيمُّمٍ بنيَّة. ولنا أنَّ الحاصل بالتيمم صفةُ الطهارة، والكفرُ لا ينافيها كالوضوء، والرِّدَّةُ تُبطِلُ ثوابَ العمل لا زوالَ الحدث.

(ونُدِبَ) أي استُحِبَّ (لِرَاجِيه) أي الماءِ (صلاتُه آخِرَ الوقت) ليقع الأداءُ بأكمل


(١) في المخطوطة: "ماء" بدل "ما".
(٢) في المخطوطة: "لا ردّته".

<<  <  ج: ص:  >  >>