للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تُؤجَر، فإِنْ آجَرَهَا فَعَطِبَتْ، ضَمَّنَهُ المُعِيْرُ. ولا يَرْجِعُ المُسْتَعِيْرُ أَو المْستأَجِر، ويَرْجِعُ على مُؤجِرِه إِنْ لَمْ يَعْلَم أَنَّهُ عارِيَّةٌ.

ويُعَارُ مَا اخْتَلَفَ اسْتِعْمَالُهُ أَو لا، إِنْ لَمْ يُعَينِّ مُنْتَفِعًا، وما لا يَخْتَلِفُ إِنْ عَينًّ. وكَذَا المُؤجَر،

===

(فصل في حكم إِجارة وإِعارة العاريَّة)

(ولا تُؤجَر) العارِيَّة لأَنها غير لازمة في الأَصل، والإِجارة لازمةٌ، وأَجازها مالك. وكذا لا تُرْهَنُ العاريَّة اتفاقاً، لأَن الرهن لازِمٌ وهي غير لازمة (فإِنْ آجَرَهَا) المستعيرُ (فَعَطِبَتْ ضَمَّنَهُ) أَي المستعيرَ (المُعِيْرُ) لأَنه صار غاصباً بِتَعَدِّيه، (ولا يَرْجِعُ المُسْتَعِيْرُ) على أَحَدٍ، لأَنه ظهر أَنه آجَرَ مِلْك نفسه، (أَوْ) ضَمَّنَ المُعِيْرُ (المْستأْجِر) لأَنه قبض ملكه بغير إِذنه فكان كالمستأْجِر من الغاصب.

(ويَرْجِعُ) المستأْجِرُ (على مُؤْجِرِه (١) إِنْ لَمْ يَعْلَم أَنَّهُ عارِيَّةٌ) لكونه مغروراً من جهة مُؤْجِرِهِ دَفْعَاً لِضَرر الغرور عن نفسه. وأَما إِذا علم أَنه عَارِيَّة فلم يرجع، لأَن المُؤجر حِينئذٍ لم يكن منه غرور، فصار كالمستأْجِر من الغاصب إِذا كان عَالِمَاً بالغَصْب.

(ويُعَارُ) من العاريَّة (مَا اخْتَلَفَ اسْتِعْمَالُهُ) باختلاف المستعمِل. كركوب الدَّابة ولُبْسِ الثوب (أَوْ لا) أَي لم يختلف، كالحمل على الدابة، والاستخدام، والسُّكْنَى (إِنْ لَمْ يُعَيِّن) المُعِير (مُنْتَفِعاً) وبه قال مالك والشافعي رحمهما الله في وَجْهٍ، لأَن العارِيَّة تمليك المنافع وقد صدرت مطلقةً، وللمالك أَنْ يملِّك غيره. والأصح في مذهب الشافعي، وهو قول أَحمد، أَنها لا تُعَار بناءً على أَنَّ الإِعارة إِباحة المنافع، والمباح له ليس له أَنْ يُبِيح لغيره.

(و) يُعَار من العارية (ما لا يَخْتَلِفُ) استعماله (إِنْ عَيَّنَ) المُعِير مَنتفِعَاً، لأن التقييد بالمنتفع فيما لا يختلف استعماله لا يفيد لعدم التفاوت، بخلاف ما يختلف استعماله، لأَن المُعير رضي بذلك المُعَيَّن دون غيره (وكَذَا المُؤجَر): بفتح الجيم: أَي حُكْمه حُكْم المُعَار، إِنْ لم يُعَيِّن المُؤجِرُ المنتفع، فللمُسْتأْجر أن يُعيره، سواء اختلف استعماله أَوْ لا، وإِنْ عَيَّن لا يُعير إِلاَّ ما لا يختلف استعماله، لأن الإِجارة تمليك المنافع


= بالمعنى. قال أبو داود: وكان - أي صفوان - أَعاره قبل أن يُسْلِم ثم أسلم. انتهى. سنن أَبي داود ٣/ ٨٢٤ كتاب البيوع والإجارات (٢٢)، باب في تضمين العارية (٨٨)، رقم (٣٥٦٣) ..
(١) أَي بالضمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>