للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الحَجِّ

فُرِضَ

===

كتابُ الحَجِّ

بِفَتْح الحاء وبكسر، وهو لغةً: القَصْدُ إِلى مُعَظَّم.

وشَرْعاً: زيارةُ مكان مخصوص، بِفِعْل مخصوص. وسَبَبُهُ البيتُ، لأَنه يضاف إليه. وفي البخاري: عن أَبي إِسحاقَ، عن زَيْدِ بنِ أَرْقَمَ: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حَجَّ بَعْدَمَا هَاجَرَ حَجَّةً واحدةً، وهي حَجَّةُ الوَدَاعِ، وهذا مِمَّا لا نِزَاعَ فيه بالإِجماع. وقال أَبو إِسحاق: وبمكةَ أُخرى، ـ يَعْنِي بِحَسَبِ عِلْمِهِ به ـ. وفي جزء الوزير (١) بن الجراح: عن سُفْيانَ الثَّوْري، عن جَعْفَرَ بن محمد، عن أَبيه، عن جابر بن عبد الله قال: حَجَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حِجَجٍ: حَجَّتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ، وحَجَّةً قَرَنَ معها عُمْرَة. انتهى.

وأَخرجه الدَّارَقُطْنِيّ في «السُّنَن»، عن سُفْيانَ، عن جَعْفَرَ بن محمد، عن أَبيه، عن جابر مثله سواء. انتهى. وعن ابن عباس: أَنه عليه الصلاة والسلام حَجَّ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ ثلاث حِجَج. أَخْرَجَهُ ابن ماجه والحاكم. وهو مَبْنِي على وفود الأَنصار بِمِنىً بعد الحج، وهذا لا يقتضي نَفْيَ الحج قبل ذلك. وقد أَخْرَجَ الحاكم بسند صحيح: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حَجَّ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ حِجَجاً لا يُعْلَمُ عَدَدُهَا. وقال ابن الأَثير: كان يحج كل سنة قبل أَنْ يهاجر، يعني إِلاَّ أَنْ يَمْنَعَ منه مانع، فكانت حجة الفريضة بعدما هاجر سنة عشر. وحَجَّ أَبو بَكْر في السنة التي قبلها سنة تسع، وفيها فُرِضَ الحج، وأَما سَنَةُ ثمان ـ وهي عام الفتح ـ في رمضان فَحَجَّ بالناسِ فيها عَتَّابُ بنُ أُسَيْد. وهو الذي وَلاَّهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أَميراً بمكةَ بعد الفَتْح.

(فُرِضَ) فَرْضِيَّةً مُحْكَمَةً بالإِجماع، والكتاب، والسُنَّةِ.

أَمَّا الكتابُ: فَقَوْلُهُ تعالى: {وللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِليهِ سَبِيلاً} (٢) ، وكلمة: «على» للإِيجاب، وقد نَزَلَ في سَنَةِ تِسْع، وليس في: {وأَتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ لِلَّهِ} (٣) النَّازِل في سنة ست دَلالةٌ على الإِيجاب من غير شروع. وقيل:


(١) حُرفت في المطبوعة إلى: الرزين بن الجراح. والصواب ما أثبتناه من المخطوطة. وسير أعلام النبلاء ١٥/ ٢٩٨. والنجوم الزاهرة ٣/ ٢٨٨. والوزير بن الجراح هو: الإمام المحدِّث الصادق، الوزير العادل، أبو الحسن، الكاتب. ولد سنة نيِّف وأربعين ومئتين، وتوفي سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة.
(٢) سورة آل عمران، الآية: (٩٧).
(٣) سورة البقرة، الآية: (١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>